وعلى فرض ادّعاء الإجماع على اشتراط المزج فهو إجماع منقول يعارضه ما حكي عن الشيخ من اعتبار المزج المجمع على انعقاد الشركة به ، فلا يثبت إجماع على الاشتراط كما لا يخفى .
وبالجملة ، فإذا لم يتمّ دليل على اشتراط المزج فعدم اعتباره في الشركة العقدية أقوى ؛ عملاً بالعمومات والإطلاقات ، كقوله تعالى : {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } ، وقوله (صلى الله عليه و آله و سلم) : « المؤمنون عند شروطهم » (9).
ولا وجه ـ بعد ما عرفت من عدم ثبوت الإجماع ـ لما ذكره السيّد الفقيه اليزدي (قدس سره) من أنّه : « لولا ظهور الإجماع على اعتبار الامتزاج أمكن منعه مطلقاً ؛ عملاً بالعمومات»(10)؛ لما عرفت من عدم ظهور الإجماع على اعتبار الامتزاج ، بل الإجماع ـ على فرض ثبوته ـ قائم على صحّة الشركة مع الامتزاج ، لا اشتراط الامتزاج في الصحّة .
ولقد أفاد وأجاد في جامع المدارك حيث ذهب إلى أنّ الشركة حاصلة بقول : اشتركنا . ومعناها : هو نقل حصّة مشاعة من ماله إلى الشريك بحصّة مشاعة من ماله ، كما لو ملكا بالوراثة أو بالاشتراء ، فأيّ حاجة إلى المزج وجعله شرطاً في صحّة الشركة ؟ ! ولا إشكال في أنّه مع الإذن يترتّب أحكام الشركة ؛ حيث إنّه مع المعاملة يكون الربح بينهما والخسران عليهما ـ إلى أن قال : ـ وكيف كان ، فهذا النحو من الشركة لا إشكال في صحّته ؛ حيث إنّه المتعارف بين الناس ولم يردع عنه الشارع ، بل يظهر من بعض الأخبار الإمضاء ، كالموثّقة المذكورة وصحيحة هشام بن سالم ... وصحيحة [ علي ] بن رئاب(11).
صحّة الشركة المعاطاتية :
إنّ الشركة العقدية كما تحصل بقول : « اشتركنا » وقبول الطرف الآخر ، كذلك تحصل بالفعل ، كإعطاء ماله بقصد تحقّق الشركة وقبول الطرف الآخر ذلك منه . فالإعطاء والقبول شركة معاطاتية ، ويصير مالاهما مشاعاً بينهما
(9) وسائل الشيعة 21 : 276 ، ب 20 من المهور ، ح 4 . (10) العروة الوثقى ( كتاب الشركة ) 5 : 275 ، مسألة 4 . (11) راجع : جامع المدارك 3 : 401 ـ 402 .