ومثل : صحيحة الحلبي عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يشتري الدابّة وليس عنده نقدها ، فأتى رجل من أصحابه فقال : يا فلان ، أنقد عنّي ثمن هذه الدابّة والربح بيني وبينك ، فنقد عنه ، فنفقت الدابّة؟ قال : « ثمنها عليهما ؛ لأنّه لو كان ربح فيها لكان بينهما » (4).
هل يشترط مزج المالين ؟
ذهب العلامة (قدس سره) إلى اشتراط مزج المالين وعدم الامتياز بينهما في صحّة الشركة ، ونسبه إلى علماء الإمامية(5).
وأورد عليه في المستمسك : بأنّ المستفاد من الخلاف هو الإجماع على الصحّة في المختلطين اللذين أذن كلّ واحد من الشريكين لصاحبه في التصرّف فيه من باب القدر المتيقّن ، لا على اشتراط الاختلاط في الصحّة والبطلان في غير المختلطين ، حيث قال : « دليلنا : أنّ ما اعتبرناه مجمع على انعقاد الشركة به ... »(6).
وعليه ، فلم يثبت إجماع القدماء على الاشتراط المذكور ، وظاهر كلمات المتأخّرين وإن كان هو التسالم على اعتبار المزج في صحّة الشركة ، إلا أنّه مع عدم ثبوت إجماع المتقدّمين ليس بدليل كما لا يخفى .
هذا ، مضافاً إلى دعوى أنّ النصوص صريحة في حصول الشركة بقول مالك العين للآخر : شاركتك ، وقول الآخر : قبلت ، من دون حاجة إلى ضمّ المزج ، فإذا قال أحد المالكين للعينين : شاركتك ، وقال الآخر : قبلت ، حصلت الشركة في عينه أيضاً ، فتكون شركة في العينين ، مثل أن يقول أحدهما : تشاركنا في مالينا ، فيقول الآخر : قبلت .
ودعوى : أنّه لا تحصل الشركة إلا بشرط الامتزاج ، ترجع إلى نفي سببية الشركة العقدية ، وهو كما ترى .
(4) المصدر السابق : ح 2 . (5) التذكرة 2 : 223 ، ط ـ ق . (6) انظر : مستمسك العروة الوثقى 13 : 25 .