لهذا طالب» (54)، فهذا كما ترى يدلّ على جواز تملّك المحقّرات التي لا طالب لها عادةً بلا حاجة إلى التعريف .
وقد يعارض ذلك : بما عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله ـ بسند تامّ ظاهراً ـ قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن النعلين والإداوة والسوط يجده الرجل في الطريق ينتفع به ؟ قال : «لا يمسّه» (55).
ورواه أيضاً داود بن أبي يزيد عن أبي عبد الله بسند تامّ ، فعلى الأقلّ بعض ما جاء في هذه الرواية يكون من قبيل تلك المحقّرات ، فمثلاً ما الفرق بين السوط الذي جاء في هذه الرواية والعصا الذي جاء في تلك الرواية ؟ ! ولكن لا يخفى أنّ النهي القابل للحمل على الكراهة لا يقاوم دليل الجواز .
حكم التقاط المحقّرات من الحرم :
وهل يجوز التقاط المحقّرات من الحرم أو لا ؟
مقتضى إطلاق رواية حريز هو الجواز ، ولكن تعارضه إطلاقات لقطة الحرم ، كرواية حريز الاُخرى الماضية (56)الواردة في الحرم ، وفيها : «ولا تحلّ لقطتها إلا لمنشد» ، ومع فرض التساقط يكون مقتضى الأصل العملي عدم جواز الالتقاط بلا تعريف ما لم يطمأنّ برضا المالك ، ومقتضى العامّ الفوقاني أيضاً هو التعريف ، وهو بعض المطلقات الآمرة بالتعريف لو لم نقل بأنّ تذيّلها بالملك يمنع عن شمولها لمحقّرات الحرم ، فإنّه بعد أن خرجت لقطة الحرم بشكل عامّ عن إطلاقها بما دلّ على عدم جواز امتلاكها لا يكون التمسّك بإطلاقها في خصوص محقّرات الحرم عرفياً .
وقد تُقدَّم رواية حريز الواردة في الحرم على رواية حريز الواردة في المحقّرات ؛ إمّا بدعوى الحكومة باعتبارها ناظرة إلى احترام الحرم ، فكأنّها تقول : إنّ اللقطة حتّى التي يجوز التقاطها في غير الحرم لغير المنشد لا تحلّ في
(54) المصدر السابق : 362 ، ب 12 من اللقطة ، ح 1 . (55) المصدر السابق : 363 ، ح 2 . (56) وسائل الشيعة 9 : 175 ، ب 88 من تروك الاحرام ، ح 1 .