والنهي في الحرمة مع التجرّد عن القرائن الصارفة ، بينما في المجال الثاني الذي أخرجه عن إطار بحثه كثيراً ما لا يتعامل في مجال فهم النص بهذه الطريقة .
مع أنّه طبقاً للحقيقة المشار إليه سابقاً ، والتي يساعد عليها العقل والنقل ، ينبغي أن تكون كلّ النصوص الواردة في المجالين عاكسة لرأي الشريعة وموقفها ، وهو لا بدّ وأن يكون حكماً شرعياً من الأحكام المتعارفة .
فالحاصل : أنّ السؤال الرئيسي التحقيقي في هذه المقالة هو : لماذا كانت الطريقة السائدة عند الفقهاء قائمة على فصل العناوين الأخلاقية عن البحث الفقهي؟
وجوه محتملة في الانفصال :
فاعلم أنّه للوهلة الاُولى قد تطرأ على الذهن وجوهاً يمكن أن يدافع بها عن تلك الطريقة السائدة بين الفقهاء ، علماً أنّ هذه الوجوه التي أشير إليها لا أنسبها إلى شخص بعينه ؛ لعدم اطلاعي ـ في حدود تتبعي ـ على من تعرّض لهذا البحث ولو في ضمن مقالة .
وكيف كان ، فيمكن الإشارة إلى وجوه خمسة :
الوجه الأوّل :أنّ الأحكام التي تتكيف بها الأفعال والمواقف في الإطار الأول(10)لمّا كانت تأسيسية وإبداعية من الشارع المقدّس ، من دون أن يكون لها سابقة عقلائية وجذور ارتكازية ، فكانت بحاجة ماسة إلى التدقيق في نصوصها ليحرز معه مراد الشريعة . بينما نرى أنّ الأحكام التي ترتبط بالأفعال والمواقف التي تصنّف في ضمن الإطار الثاني تكون إمضائية وذات جذور عقلائية واضحة ، يكفي في إحراز موقف الشريعة منها عدم الردع المستكشف منه الإمضاء .
أقول : يعرف ما في هذا الوجه بعد التفاتة سريعة إلى قسم المعاملات من البحوث الفقهية والرسائل العملية .
(10)المقصود به ما يدخل في ضمن الموارد التي اصطلح الفقهاء ببحثها فيما يسمّى بالبحث الفقهي ، والمقصود بالإطار الثاني ما كان من قبيل المباحث الأخلاقية .