إنّ ما اقترحناه من إضافة عناصر اُخرى لدى ممارسة الافتاء من القسمين الأخيرين ـ الثالث والرابع ـ لا يراد منه بيان صرف الرجحان والأفضلية . . بل إنّه يعبر عن حتمية علمية وشرعية . . وبعبارة اُخرى : لا يسوغ الافتاء في القسمين الأخيرين من دون إحراز هذه العناصر الإضافية في عملية الإفتاء . . وقد أثبتت التجارب التاريخية الماضية والراهنة بأنّ غياب هذه العناصر عن عملية الاستنباط سيجعل الافتاء يفسد أكثر ممّا يصلح ويضرّ أكثر ممّا ينفع . . بل إنّ المفتي سيحتمّل مسؤولية إفتائه . . بل لا قيمة للإفتاء الفاقد لعناصره اللازمة وينبغي أن ترفع عنه القدسية والحصانة الشرعية . . لأنّه والحال هذه لا يصدق عليه أنّه إفتاء بعلم . . وعليه فلا يعفى من أيّة تبعة ويكون ضامناً . . إنّ عدم الأناة في إصدار الفتاوى المرتجلة في الأزمات سيما في بؤر التوتّر من عالمنا الاسلامي وفي حالات الاحتقان الطائفي أو العرقي دليل على عدم الورع وضعف الدين . . فعلى المفتي أن يتقي الله فلا يقحم نفسه فيما لا يحسنه . . ولابدّ له من أنّ يفرز بين موضوعات الافتاء فإنّها ليست كلّها من سنخ واحد . .