عليّ (عليه السلام) يعلمه أنّ عبداللّه أخذ من بيت المال عشرة آلاف درهم ، فكتب إليه يأمره بردّها فامتنع ، فكتب يقسم له باللّه لتردّنها ، فلمّا ردّها عبداللّه بن عبّاس ، أو ردّ أكثرها ، كتب إليه عليّ (عليه السلام) : أمّا بعد ، فإنّ المرء يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه ، فما أتاك من الدنيا فلا تكثر به فرحاً ، وما فاتك منها فلا تكثر عليه جزعاً ، واجعل همّك لما بعد الموت ، والسلام .
فكان ابن عبّاس يقول : ما اتعظت بكلام قطّ اتّعاظي بكلام أمير المؤمنين (91).
وقد نقل (92)أنّه (عليه السلام) كتب في جواب أبي الأسود الدؤلي : فمثلك نصح الإمام والاُمّة ، وأدّى الأمانة ، ووالى ( ودلّ ) على الحقّ . . . فلا تدع إعلامي بما يكون بحضرتك ممّا النظر فيه للاُمّة صلاح فإنّك بذلك جدير ، وهو حقّ واجب للّه عليك (93).
هذا الخبر يدلّ على قبول ورضى أمير المؤمنين عن استخبار خليفة عبداللّه ابن عبّاس ، ورغّبه في ذلك ، بل جعله أمراً لازماً ، فعلى نوّاب المسؤولين أن يراقبوا أعمال المسؤولين ويخبروا بما أخطأوا .
ط ـ كتب عليّ (عليه السلام) إلى قثم بن العبّاس عامله على مكّة : أمّا بعد فإنّ عيني بالمغرب كتب إليَّ يعلمني أنّه وجه إلى الموسم اُناس من أهل الشام العمي القلوب ، الصمّ الأسماع ، الكمه الأبصار ، الذين يلبِسون الحقّ بالباطل . . . فأقم على ما في يديك قيام الحازم الصليب (94).
ي ـ روى ابن أبي الحديد عن كتاب الغارات : أنّ معاوية اختلق كتاباً نسبه إلى قيس بن سعد وقرأه على أهل الشام ، فشاع في الشام كلّها أنّ قيساً صالح معاوية ، وأتت عيون عليّ بن أبي طالب إليه بذلك فأعظمه وأكبره وتعجّب له . . . (95).
(91)تاريخ اليعقوبي 2 : 205. (92)كما نبّه على ذلك العلاّمة الميانجي . (93)جمهرة رسائل العرب 1 : 588. نهج السعادة 5 : 324. العقد الفريد 4 : 355، ط ـ دار الكتاب . فتوح ابن أعثم 4 : 74. (94)نهج البلاغة : 406ـ 407، الكتاب 33. (95)شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 : 62.