وقد عرفت أنّ معاوية كتب إليك يستزلّ لبّك (82)، ويستفلّ غربك (83)، فاحذره فإنّما هو الشيطان (84).
هـ ـ كتب إلى أبي موسى الأشعري عامله على الكوفة وقد بلغه عنه تثبيطه الناس عن الخروج إليه لمّا ندبهم لحرب أصحاب الجمل : أمّا بعد ، فقد بلغني عنك قول هو لك وعليك (85).
التثبيط : أي الترغيب في القعود والتخلّف ، ولعلّ المراد من هو لك وعليك : أنّ ترغيبك الناس على القعود يكون بنفعك بحسب الظاهر ، ولكنّه يضرّ بك بحسب الواقع ، ولعلّ الأشعري أخفى ذلك عن عليّ (عليه السلام) ، وبهذا الاعتبار يصدق على الاطّلاع عليه التفتيش والتجسّس .
و ـ كتب إلى المنذر بن جارود العبدي وقد خان في بعض ما ولاّه : أمّا بعد ، فإنّ صلاح أبيك غرّني منك ، وظننت أنّك تتّبع هديه (86)، وتسلك سبيله ، فإذا أنت فيما رُقّي إليَّ (87)عنك لا تدع لهواك انقياداً (88)، ولا تبقي لآخرتك عتاداً (89).
ولعلّ قوله (عليه السلام) : فإذا أنت فيما رقّي إليَّ عنك يدلّ على استخبار العيون .
ز ـ كتب إلى محمّد بن أبي بكر عامله على مصر لمّا بلغه توجّده من عزله بالأشتر عن مصر :
أمّا بعد ، فقد بلغني موْجِدُتك من تسريح الأشتر إلى عملك ، وإنّي لم أفعل ذلك استبطاءً لك في الجهد ، ولا ازدياداً لك في الجدّ ، ولو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لولّيتك ما هو أيسر عليك مؤونة وأعجب إليك ولاية (90).
ولا يخفى أنّ الغيظ ليس في العلن ، إذ هو لا يناسب محمّد بن أبي بكر ، وعليه فالاستخبار عن أمر مستور في الجملة .
ح ـ كتب أبوالأسود الدؤلي ـ وكان خليفة عبداللّه بن عبّاس بالبصرة ـ إلى
(82)يستزل : يطلب به الزلل وهو الخطأ ، واللبّ : القلب . (83)الغرب : الحدّة والنشاط ، ويستفلّ غربك : يطلب إطفاء حدّتك . (84)نهج البلاغة : 415، الكتاب 44. (85)المصدر السابق : 453، الكتاب 63. (86)هديه : طريقه . (87)رُقّي إليَّ : أي رفع واُنهي إليّ . (88)لا تدع لهواك انقياداً : أي لا تدع الانقياد لهواك . (89)نهج البلاغة : 461، الكتاب 71. (90)المصدر السابق : 407، الكتاب 34.