18 ـويدلّ على اتّخاذ العيون أيضاً ما ورد في بعث النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) أفراداً لاستخبار حال الأعداء في خارج البلاد الإسلامية ورصد تحرّكاتهم العسكرية وأسرارهم ، وهو كثير .
منهــا :ما رواه ابن هشام في سريّة عبداللّه بن جحش : أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) بعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد ، وكتب له كتاباً وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثمّ ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحداً . . . فلمّا سار عبداللّه بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فإذا فيه :
« إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكّة والطائف فترصد بها قريشاً وتعلم الناس أخبارهم » ، فلمّا نظر عبداللّه بن جحش في الكتاب قال : سمعاً وطاعة ، ثمّ قال لأصحابه : قد أمرني رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشاً حتى آتيه منهم بخبر . . . (96).
يدلّ الخبر على اتّخاذ العيون بالنسبة إلى تحرّكات الأعداء .
ومنهــا :ما رواه الواقدي في غزوة بدر الكبرى ما ملخّصه : لمّا تحيّن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) انصراف العِير من الشام ندب أصحابه للعِير وبعث ـ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) ـ طلحة بن عبيداللّه وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر ليال يتحسّسان خبر العِير حتى نزلا على كشد الجهني بالنخبار ، فأجارهما وأنزلهما ، ولم يزالا مقيمين عنده في خباء حتى مرّت العِير ، . . . فنظرا إلى القوم وإلى ما تحمل العِير ، وجعل أهل العِير يقولون : يا كشد هل رأيت أحداً من عيون محمّد ؟ فيقول : أعوذ باللّه ، وأنّى عيون محمّد بالنخبار ؟ فلمّا راحت العِير باتا حتى أصبحا ، ثمّ خرجا وخرج معهما كشد خفيراً . . . فخرجا يعترضان النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) فلقياه بتُربان . . . وقدم كشد بعد ذلك فأخبر النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) إجارته إيّاهما ، فحيّاه رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) ، الخبر (97).
(96)سيرة ابن هشام 2 : 252، ط ـ دار إحياء التراث العربي . وروى نحوه الواقدي في المغازي 1 : 13. (97)المغازي 1 : 19ـ 20.