قال عبداللّه بن قُعَيْن : فجعلت في أثره مسرعاً . . . ـ إلى أن قال : ـ فقلت : يا أمير المؤمنين فلم لا تأخذه الآن فتستوثق منه ؟ فقال : « إنّا لو فعلنا هذا بكلّ من يتّهم من الناس ملأنا السجون منهم ، ولا أراني يسعني الوثوب بالناس والحبس لهم وعقوبتهم حتى يظهروا لي الخلاف » ، قال : فسكتُّ عنه وتنحّيت فجلست مع أصحابي هنيئة ، فقال لي (عليه السلام) : « ادن منّي » ، فدنوت فقال لي مسرّاً : « اذهب إلى منزل الرجل فاعلم ما فعل ، فإنّه قلّ يوم لم يكن يأتيني فيه قبل هذه الساعة » ، فأتيت إلى منزله فإذا ليس في منزله منهم ديّار . . . فأقبلت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال لي حين رآني : « أفَطِنُوا فأقاموا أم جَبُنوا فظعنوا » ؟ قلت : لا ، بل ظعنوا ، فقال : « أبعدهم اللّه كما بعدت ثمود . . . وسأكتب إلى من حولي من عمّالي فيهم » ، فكتب نسخة واحدة وأخرجها إلى العمّال :
من عبداللّه عليّ أمير المؤمنين إلى من قُرئ عليه كتابي هذا من العمّال :
« أمّا بعد فإنّ رجالاً لنا عندهم تبعة خرجوا هُرّاباً نظنّهم خرجوا نحو بلاد البصرة ، فاسأل عنهم أهل بلادك واجعل عليهم العيون في كلّ ناحية من أرضك ثمّ اكتب إليَّ بما ينتهي إليك عنهم والسلام » (71).
14 ـوكتب عليّ (عليه السلام) إلى كعب بن مالك : « أمّا بعد فاستخلف على عملك واخرج في طائفة من أصحابك حتى تمرّ بأرض كورة السواد فتسأل عن عمّالي وتنظر في سيرتهم فيما بين دجلة والعذيب ، ثمّ ارجع إلى البهقُباذات فتوّل معونتها واعمل بطاعة اللّه فيما ولاّك منها ـ إلى أن قال :ـ وأعلمني الصدق فيما صنعت » (72).
يدلّ الخبر على اتّخاذ العيون بالنسبة إلى العمّال .
15 ـقال في مصنّف ابن أبي شيبة : إنّ أبا الجهم القرشي نقل عن أبيه ، قال : بلغ عليّاً منّي شيء فضربني أسواطاً ، ثمّ بلغه بعد ذلك أنّ معاوية كتب
(71)شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 : 128ـ 130، ط ـ دار الكتب العلمية . (72)تاريخ اليعقوبي 2 : 204ـ 205، ط ـ دار صادر .