و قال الشيخ في الخلاف: و إنّما يَعتبر الجلوس بمقدار التشهّد أبو حنيفة بناءً على أنّ الذكر في التشهّد ليس بواجب [2].
و بالجملة: الاكتفاء بالجلوس بدون التشهّد ضعيف جدّاً، لموافقتها لمذهب العامّة و مخالفتها لأكثر الأصحاب، و قد عرفت أنّ ما ذكره الشيخ في معاني الأخبار هو الوجه، لأنّ الجلوس بدون الذكر بعيد غاية البعد، فحينئذٍ يبقى الكلام مع من يصحّح الصلاة إذا أتى بالشهادتين و الصلاة، و قد عرفت تفصيل ابن إدريس. و الحقّ ما ذكره، لكن نسبة التفصيل على الإطلاق إلى الشيخ لا يخلو عن إشكال، لأنّه لعلّه مع القول بوجوب التسليم يقول بهذا، كما يستفاد من ظاهر إطلاقات الأخبار الّتي ذكرناها فيمن أحدث قبل التسليم، إلّا أنّه لعلّه أظهر فيما فهمه. و لذلك قال الشهيد: و في هذه الأخبار دلالة على ندب التسليم [3]. و أيضاً قد عرفت ما ذكرناه هاهنا من التذكرة فراجع [4]، إلّا أن يفرّق بين الحدث و زيادة شيء في الصلاة.
فينقدح لنا ممّا اخترناه من وجوب التسليم، و ممّا ذكرناه هاهنا من عدم القول بالفصل، مع أنّه لا تلازم بين حكم الحدث و الزيادة أيضاً كما ذكرنا، و من تلك الأخبار وجوب الإعادة مطلقاً كما هو مختار الأكثر. و يؤيّد ذلك أنّ القائلين بهذا القول كلّهم مبناهم على استحباب التسليم، لأنّ كلام ابن إدريس مفصّل، و هكذا مراد الشيخ ظاهراً على ما فهمه ابن إدريس، و كذا الشهيد حيث استحسنه، فإنّه استدلّ على ذلك باستحباب التسليم، و كذا باقي المتأخّرين كصاحب المدارك [5] و الذخيرة [6] و المفاتيح [7]، فإنّهم يستحبّون التسليم.