إليها دليل على عدم انتفاء الوجوب بل وضوح انتفائه وأنت خبير بأن قضاء الاصل بعدم وجوب المقدمة أمر ظاهر لا سترة فيه لكن الشأن في تضعيف ما دل على وجوب المقدمة وستعرف الحال فيه ومنه يظهر فساد التأييد المذكور وكان الوجه في عدم وروده في الاخبار غاية وضوح الحال في وجوبه على الوجه الذي بيناه وعدم تفرع ثمرة مهمة عليه كما عرفت الحال فيه ومنها أنه لو وجبت المقدمة لكان بإيجاب الامر له وتعلق طلبه به ومن البين أن إيجاب الامر بشئ يتوقف على تصوره لذلك الشئ ضرورة استحالة الامر بالشئ مع الذهول عن المأمور به بالمرة ويتوقف على تصوره لايجابه ضرورة أن صدور الفعل الاختياري يتوقف على توصر ذلك الفعل ولو بوجه ما ومن البين انتفاء ذلك في كثير من صور الامر بذي المقدمة لوضوح أنه يمكن الامر بالشئ مع الذهول عن مقدمته بالمرة فضلا عن إيجابه وأجيب عنه بوجوه أحدها منع كون إيجاب الشئ مستلزما لتصوره وتصور إيجابه فإنه إنما يلزم ذلك بالنسبة إلى الايجاب الاصلي دون التبعي لتبعية إيجابه لايجاب متبوعه بمعنى حصوله بحصول إيجاب متبوعه فهو من قبيل لوازم الافعال الحاصلة بحصولها والافعال المتفرعة على فعل الفاعل لا يلزم أن يكون الفاعل شاعرا لها فانك إذا أكرمت زيدا ولزم من إكرامك له إهانة عمرو لا يلزمك تصور الاهانة المفروضة ولا القصد إليه قطعا وهو أمر واضح لا يستريب فيه عاقل وقد يقرر ذلك بوجه آخر وحاصله منع المقدمة الاولى فان وجوب المقدمة لا يتوقف على إيجاب الامر لها بل إنما يتوقف على إيجاب الامر لذيها فإن إيجاب ذي المقدمة يستلزم وجوب مقدمته من غير أن يحصل هناك إيجاب من الامر للمقدمة فوجوبها تابع لايجاب ذيهاوات من قبله ولا يلزم من ذلك التفكيك بين الوجوب والايجاب فإن إيجاب ذي المقدمة إيجاب أصلي لها فوجوبه أيض وجوب اصلي وذلك بعينه إيجاب للمقدمة تبعا فوجوبه الحاصل به تبعي أيض فإن شئت قلت إن كان المقصود مما ذكر في المقدمة الاولى من أن وجوب المقدمة إنما يكون بايجاب الامر لها أنه لابد أن يكون وجوبه بايجاب مستقل متعلق به فهو مم فإن ذلك إنما يتم لو كان وجوبها أصليا وأما الوجوب التبعي فلا يفتقر إلى ذلك وإن كان المقص أن وجوبه يفتقر إلى إيجاب الامر له ولو تبعا لايجاب غيره فالمقدمة الثانية مم إذ إيجاب الشئ تبعا لا يتوقف على تصوره حسبما قررناه ثانيها منع إمكان الامر بشئ والذهول عن مقدمته بالمرة وإنما الممكن جواز الذهول عن التفصيل والمانع من تعلق الايجاب إنما هو الاول دون الثاني وفيه ما لا يخفى ثالثها إنا لا نقول إن الامر بالشئ لا يستلزم الامر بمقدمته مط من أي آمر صدر بل المقص إنه إذا صدر عن الحكيم العالم الشاعر بها كان مسلتزما لارادة المقدمة والامر بها كما هو الحال في أوامر الشرع التي هي محط الكلام في المقام وهذا الكلام منظور فيه لوجهين أحدهما مخالفته لما سيجيئ من الادلة الدالة على وجوب المقدمة فإنها إن تمت أفادت الملازمة بين الامر بالشئ والامر بمقدمته من أي آمر صدر حكيما كان أو لا شاعرا للمقدمة أو لا وثانيهما إنه قد يكون الامر حكيما شاعرا بها ومع ذلك لا يوجبها كما إذا كان نافيا للملازمة بين إيجاب الشئ وإيجاب مقدمته على ما هو حال المنكرين لوجوب المقدمة أو كان شاكا فيه نعم لو كان الامر حكيما شاعرا بالمقدمة معتقدا للملازمة بين الامرين كان ايجابه للشئ مستلزما لايجابه لمقدمته ولا يتم ذلك في الاوامر الشرعية إلا بعد إثبات الملازمة المذكورة وهو دور ظاهر ويمكن دفعه بأنا إنما نقول بكون الامر بالشئ مستلزما للامر بمقدمته إذا كان الامر حكيما شاعرا للمقدمة غير مسبوقة بالشبهة القاضية بانكار وجوب المقدمة أو الشك فيه ومنها إنه لو كان وجوب المقدمة لازما لوجوب ذيها لاستحال الانفكاك بينهما مع إنا نرى جواز ذلك فإن من يقول بعدم وجوب المقدمة إذا تعلق منه الامر بذي المقدمة لا يحصل منه إيحاب مقدمته ولا يرى وجوبها على المأمور ويدفعه إنه إنما ينكر حصول وجوب المقدمة بإيجابه لذي المقدمة ولا ينافي ذلك حصول وجوبها بذلك بحسب الواقع وغفلته عنه وتصريحه ح بعدم إيحابه للمقدمة يناقض ذلك وإن كان غافلا عن مناقضته له ومنها إن كل واجب متعلق للخطاب فان الوجوب قسم من أقسام الحكم الشرعي الذي هو خطاب الله المتعلق بافعال المكلفين وينعكس ذلك بعكس النقيض إلى قولنا كل ما ليس متعلقا للخطاب لا يكون واجبا فح نقول إن المقدمة ليست متعلقة للخطاب وكل ما ليس متعلقا للخطاب فليس واجبا ينتج أن المقدمة ليست واجبة وقد ظهر الحال في الكبرى وأما الصغرى فلوضوح ان الخطاب المتعلق بذي المقدمة لا يشمل مقدمته حتى يكون متعلقا للخطاب وجوابه ظ مما مر فإنه إن أريد بكون كل واجب متعلقا للخطاب خصوص الخطاب الاصلي فالكلية مم وما ذكر في حد الحكم إنما يراد به الاعم من الاصلي والتبعي وإن أريد به الاعم من الامرين فالصغرى المذكورة مم وما ذكر في بيانه إنما يفيد عدم تعلق الخطاب الاصلي بها ومنها إنه لو وجبت المقدمة لتحقق العصيان بتركها والتالي بط لتعلق العصيان بترك ذي المقدمة خاصة وجوابه واضح فإنه إن أريد به لزوم العصيان بتركها لذاتها فالملازمة مم والسند ظ مما مر فإن ذلك من خواص الواجب النفسي ولا يمكن تحققه في الواجب الغيري وإن أريد به تحقق العصيان ولو من حيث ادائها إلى ترك غيرها فالملازمة مسلمة لكن بطلان التالي مم لوضوح ترتب العصيان على ترك المقدمة على الوجه المذكور ومنها إنه لو وجبت المقدمة لثبت قول الكعبي بانتفاء المباح وفساد التالي ظ أما الملازمة فلان ترك الحرام واجب وهو لا يتم الا بفعل من الافعال لعدم خلو المكلف عن فعل والمفروض وجوب ما لا يتم الواجب إلا به فيكون تلك الافعال واجبة على سبيل التخيير وجوابه أن اندفاع شبهة الكعبي غير متوقف على نفي وجوب المقدمة بل هي ضعيفة على القول بوجوبها أيض كما سيجيئ الكلام فيها إنش تع ومنها إنه لو كانت المقدمة واجبة لوجب فيها النية لوجوب امتثال الواجبات ولا يتحقق ذلك إلا بقصد الطاعة والتالي بط بالاجماع ووهنه واضح فانه إن كانت المقدمة عبادة كالوضوء والغسل أو العبادة المتكررة لاجل تحصيل العلم الواجب كما في الصلوة