بل عدم الفصل- لو تم- إنما هو بين جميع ما لا يكون موردا للقضاء، فالأمر دائر بين اختصاص حجية البينة بما يكون موردا للقضاء وعمومها لكل شيء.
فالدليل على حجيتها في بعض الموارد مما لا يكون موردا للقضاء- كالرواية المذكورة، ورواية عبد الله بن سليمان المتقدمة الواردة في الجبن- يكون دليلا على العموم، لكن عدم الفصل بالمقدار المذكور غير ظاهر بنحو يصلح للاستدلال في المقام.
وأما الرابع فيظهر الإشكال فيه مما تقدم في الثاني من أنه رجوع إلى الاستدلال بالإجماع على حجية البينة في العدالة، وإلا فهو في نفسه ظاهر في شيوع ستره في محلته وقبيلته، لأن الأمر المسؤول عنه وهو مواظبته على الصلوات في جماعة مما يظهر ويشيع بنحو يكون السؤال عنه موجبا للعلم به ولا يختص به الشاهدان، كما لا يخفى.
هذا، وأما الإجماع الذي قد يدعى في المقام فالظاهر أنه مبتن على الإجماع على عموم حجية البينة الذي تقدم الكلام فيه، ولا خصوصية للمقام فيه.
ثم إنه لو تم شيء مما تقدم على حجية البينة في خصوص العدالة فالظاهر أنه مختص بالعدالة التي هي موضوع الأحكام الشرعية من قبول الشهادة وجواز الائتمام وغيرهما، دون جواز التقليد الذي تقدم أنه لا دليل على اعتبار العدالة فيه شرعا إلا من حيث ارتفاع الوثوق باجتهاد غير العادل الموجب لعدم دخوله في موضوع السيرة على التقليد، المؤيد بمرتكزات المتشرعة، وقد تقدم أنه يقتضي اعتبار ملكة العدالة بمرتبة عالية غير ما هو معتبر في سائر المقامات، فالاكتفاء بالبينة في العدالة بالمرتبة المذكورة محتاج إلى أدلة غير الأدلة المتقدمة.
نعم، بناء على ما عرفت من عموم حجية البينة يتجه قبولها في المقام إذا قامت على العدالة بالنحو المذكور، كما تعتبر في إثبات أصل الاجتهاد وغيره من شرائط التقليد، فلاحظ.