وبالجملة بعد
ملاحظة مبدأ الاشتقاق الأصلي للفظي دم الاستحاضة والمستحاضة ، وكلام صاحب الصحاح
وغيره في تفسيرهما ، وما ورد في الأخبار من مثل قوله : « بمنزلة المستحاضة » و «
تعمل كما تعمله المستحاضة » لا يمكن حصول القطع باتّحاد دم الاستحاضة والدم الذي
له تلك الأحكام مطلقا ، فلا يحصل العلم بالتعارض ، مع أنه لو حصل أيضا لكان الترجيح
لتلك النصوص بالأشهرية رواية ، بل موافقة الإجماع.
والمتحصّل ممّا
ذكر أنّ كلّ دم كان متّصفا بأوصاف الاستحاضة تثبت لصاحبته أحكام المستحاضة إلاّ ما
خرج بدليل ، وكذا كلّ دم دلّ دليل من إجماع أو نص عام أو خاص على ثبوت تلك الأحكام
له ، كالدماء المتقدّمة.
وما لم يكن كذلك
فيبقى تحت أصالة عدم تعلّق تلك الأحكام به ، كالدم الذي تراه المرأة أقلّ من ثلاثة
أو مستمرّا إليها بدون صفة الحيض ولم نقل بحيضيته ، أو بعد العشرة ، أو العادة مع
تخلّل عشرة الطهر على القول بعدم حيضيته إلاّ مع الوصف أو مصادفة العادة ، أو قبل
البلوغ ، أو بعد اليأس ، إذا لم تكن تلك الدماء بصفة الاستحاضة. فلا يحكم بتعلّق
أحكام المستحاضة بصاحبتها ، للأصل ، وعدم الدليل ، كما صرّح به في المدارك في
الأول [١].
والعلم بعدم كونه
من القرح أو الجرح لا يوجب العلم بكونه دم استحاضة ، والانحصار لا دليل عليه.
مع أنّ فرض العلم
بعدم كونه من قرحة في الجوف ، أو انفتاح عرق ، أو طغيان دم مجرد فرض لا يكاد يتحقق
أبدا.
ودعوى الإجماع في
بعض تلك الموارد مجازفة لا اعتناء بها.
لا يقال : رواية
أبي المغراء : عن الحبلى ترى كما ترى الحائض من الدم ، قال : « تلك الهراقة إن كان
دما كثيرا فلا تصلّين ، وإن كان قليلا فلتغتسل عند