إشارة إلى ذلك
أيضا ، فإذا سمع الدعوى والإنكار وظهر له الحكم السابق ظهورا علميّا يحكم له ثانيا
لأجل ذلك الحكم ، إذ بعد علمه وفتواه بوجوب اتّباعه وعدم جواز ردّه يكون ذلك حكم
الله في حقّهما عنده ، فيجب عليه الحكم بمقتضاه.
وقد يقال : إنّه
وإن وجب إمضاؤه عليه ، ولكن لا يجوز له الحكم ، لجواز ابتناء الأول على فتوى
مخالفة لرأيه.
وأنا لا أفهم وجوب
الإمضاء وعدم وجوب الحكم بمقتضاه ، بل هما متلازمان ، ولا مخالفة للرأي أبدا ، إذ
كون كلّ ما حكم به المجتهد على أحد الخصمين وله بعد الترافع حكم الله في حقّهما
إجماعيّ ، بل ضروريّ لا يحتمل المخالفة ، فرأي كلّ مجتهد أنّ هذا حكم الله في
حقّهما وفتواه على ذلك ، وإن خالفه مع قطع النظر عن ذلك الحكم ، ولكنّه غير
المورد.
وكذا لا أتفهّم
معنى ما قيل من أنّه يجب عليه الإمضاء ولا يجوز له الحكم بصحّته ، لجواز مخالفته
لنفس الأمر ، لاحتمال كذب المدّعي والشهود أو خطئهم.
وفيه : أنّ الصحّة
هنا ليست إلاّ ترتّب الأثر شرعا ، وهو لازم وجوب الإمضاء ، فلا معنى لوجوب أحدهما
وعدم وجوب الآخر.
نعم ، لو أراد
بعدم جواز الحكم بالصحّة الحكم بمطابقة الواقع ونفس الأمر ، فهو كذلك ، ولكنّه
كذلك بالنسبة إلى حكم نفسه أيضا.
ولا فرق في وجوب
الإنفاذ بين ما إذا كان الحاكم الأول حيّا باقيا على شرائط القضاء ، أو غير باق ،
بأن صار فاسقا بعد الحكم قبل الإنفاذ أو مجنونا أو كان ميّتا.