إما أن يراد بها
نسبة الأكل واللبس فعلا ، أو نسبتهما استعداداً ، وعلى الأول : لا يمكن أن يكون
المراد من الموصول الشخص المتلبس بفعلية المبدأ لامتناع ذلك عقلا بالنسبة الى ما
أكل ، فيمتنع أيضاً عرفاً بالنسبة الى ما لبس لبعد التفكيك بينهما ، بل المراد به
إما الشخص بلحاظ قيام المبدأ بأمثاله ، فالمعنى : « إلا ما أكل أو لبس أمثاله » أو
الجنس بلحاظ قيام المبدأ ببعض أفراده فالمعنى : « إلا الجنس الذي أكل بعض أفراده
أو لبس كذلك ». وعلى الثاني : فالاستعداد إما أن يكون بلحاظ نفسه بأن يكون فيه من
خصوصيات الطعم والرائحة ما يحسن لأجله أن يؤكل في قبال ما لا يكون كذلك ، ضرورة
اختلاف الأشياء في ذلك اختلافاً بيناً ، وكذلك الحال فيما لبس ، أو يكون بلحاظ
إعداد الناس إياه للأكل أو اللبس سواء أكان مستعداً في نفسه لذلك أم لا. والظهور
الأولي للجملة المذكورة إرادة الشخص المتلبس بالمبدإ. لكن ـ حيث عرفت امتناعه ـ يدور
الأمر بين إرادة الفعلية بالمعنيين الأخيرين وبين إرادة الاستعداد ، والثاني منهما
أيضاً أظهر ، كما أن الأظهر الحمل على الاستعداد الذاتي لا العرضي ، لاحتياج
الثاني إلى عناية زائدة لا قرينة عليها. نعم يساعده التعليل في صحيح هشام : « لأن
أهل الدنيا إنما يعبدون ما أعدوه لأكلهم ولبسهم » [١] ولا يكفي في كون
الشيء معبوداً لهم كونه مستعداً للأكل أو اللبس في نفسه. لكن التعليل لما لم يمكن
الأخذ بظاهره ـ لاقتضائه المنع في غير المأكول والملبوس
[١] تقدم ذكر
الصحيح في البحث عن اشتراط كون مسجد الجبهة من الأرض ونباتها في أول هذا الفصل.
ونص التعليل : ( لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ) والنقل هاهنا بالمعنى.
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 5 صفحه : 494