وحيث أنه خلاف
الإجماع لا بد أن يحمل على معنى : انه فليطلب إن كان الوقت يسع الطلب وإلا فليتيمم
بلا طلب. فلا يدل على وجوب التأخير فضلا عن اختصاصه بصورة الرجاء. وعلى تقدير
روايته « فليمسك » ـ كما رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد ـ فلا يدل على الاختصاص
بصورة الرجاء بوجه. وأما صحيح ابن مسلم والموثقان : فالذيل فيها وإن كان يناسب
الرجاء من جهة « أن » الشرطية التي تكون غالباً للشك ، لكن من المحتمل [١] قريباً في مثل
هذا التركيب أن لا يكون كذلك ، نظير : إن فاتك اللحم لم يفتك المرق. ولا سيما وأن
حمل الطائفة الأولى على خصوص صورة العلم بالعدم مما تطمئن النفس بخلافه ، لندرة
حصول الأسباب الموجبة للعلم المذكور ، فيبعد جداً عدم تعرض السائل للسبب المسوغ
للتيمم ، كما يبعد ترك الاستفصال فيها عن وجوده ، ولا سيما بملاحظة التعليل
الموجود في الكثير منها بأن رب الماء هو رب الصعيد ، فإنه آب عن التخصيص. وعلى هذا
فالجمع على النحو المذكور تصرف في الطائفتين معاً من دون شاهد قوي. فالأقرب العمل
بإطلاق الطائفة الأولى الدالة على الصحة في السعة ـ كما هو مبنى القول الأول ـ وحمل
الأمر بالتأخير إلى آخر الوقت على الاستحباب. كما يشير اليه ما في رواية محمد بن حمران عن أبي عبد الله
عليهالسلام
: « واعلم أنه ليس ينبغي لأحد أن يتيمم
إلا في آخر الوقت » [٢] ، ورواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع)
: « في رجل تيمم فصلى ثمَّ أصاب الماء.
فقال (ع) : أما أنا فكنت فاعلا ، إني كنت أتوضأ وأعيد » [٣]. والله سبحانه
أعلم.
[١] هذا الاحتمال
خلاف الظاهر ، وعليه فلا مانع من البناء على خروج صورة الرجاء من النصوص السابقة
ويبقى تحتها صورتا العلم باستمرار العذر واليأس من ارتفاعه. ( منه مد ظله )