إن الله تعالى يقول لا
يمسّه إِلاَّ المُطهّرون » [١]. لإمكان أن يكون
المراد الاستدلال على تعظيم الله تعالى للقرآن ، المناسب لكراهة الأمور المذكورة.
بل ظهور الذيل في كونه تعليلا لجميع ما ذكر في الصدر يعين ذلك ، إذ لا يعتبر في
جواز بعضها الطهارة جزماً ، فتكون الرواية على ما قلناه. ومن ذلك يشكل الاستدلال
بها على المقام ، لأن قرينة السياق والتعليل المذكور يناسب الكراهة جداً.
نعم يدل عليه مرسل حريز : «
كان إسماعيل بن أبي عبد الله (ع) عنده ، فقال (ع) : يا بني اقرأ المصحف ، فقال :
إني لست على وضوء فقال (ع) : لا تمس الكتابة ، ومس الورق واقرأه » [٢]. وما في
معتبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : «
عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء. فقال (ع) : لا بأس ، ولا يَمس الكتاب » [٣]. وضعف السند ـ لو تمَّ في الثاني ـ ينجبر بما عرفت. ومنه
يظهر ضعف ما عن الشيخ في المبسوط والحلي والأردبيلي وغيرهم من الخلاف في ذلك.
ثمَّ إن جعل المس
غاية للوضوء لا يخلو من إشكال ، لأن المتوقف على الوضوء جواز المس ، لا نفس المس
فلا يكون الأمر بالوضوء غيرياً ، بل يكون عقلياً من باب لزوم الجمع بين غرضي
الشارع ، فاذا وجب المس بالنذر أو بغيره لم يكن ذلك الوجوب كافياً في تشريع الوضوء
، لعدم كونه مقدمة له ، بل هو مقدمة لجوازه ، والجواز ليس من فعل المكلف ، والوجوب
الغيري إنما يتعلق بما هو مقدمة لفعل المكلف إذا وجب.