والسياق مساق
المكروه لا يصلح قرينة على الكراهة مع كون القرينة على الكراهة خارجية ، كما في
المقام. نعم سياقها مساق الأدب ربما يمنع من ظهورها في الوجوب ، ولا سيما مع
الإشارة إليه في خبر محمد بن إسماعيل الآتي ، وفيما عن علل محمد بن علي بن
إبراهيم [١]. فيكون العمدة في إثبات الحرمة الإجماع لو تمَّ. اللهم إلا
أن يقال : إن المنع عن الاستدبار لا يناسب كون الحكم أدبياً ، لأن الاستدبار لا
ينافي الأدب.
وقد يحسن بهذه
المناسبة أن نثبت ما ذكره الوالد العلامة المقدس طاب ثراه في كتابه : ( معارف
الأحكام في شرح شرائع الإسلام ) في هذا المقام ـ قياماً ببعض حقوقه وموعظة للمتقين
ـ قال قدسسره تحت عنوان ( إيقاظ ) : « وإذ قد عرفت أن الشارع المقدس أمرك بالانحراف عن
القبلة وتجنبها في الحالتين ، تعظيما لها وإجلالا لقدرها ، لنسبتها إليه سبحانه
فاذا لم يرض جل جلاله بمواجهة بيته الحسي المركب من الأحجار والأخشاب بالنجاسات ،
مع ما بينها وبينه من المسافات ، فكيف يرضى أن يكون بيته المعنوي ، ومحل معرفته ،
وفيوضاته ، وينبوع حكمته ، وموضع محبته ملطخاً بأدناس المعاصي وأرجاس الكبائر؟!
كما قال جل جلاله : «
لم تسعني سمائي ولا أرضي ولا عرشي ولا كرسيي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن »
فجعل سبحانه قلب المؤمن أجل وأوسع من العرش والكرسي. فينبغي
لمن أراد الوقوف بين يدي الملك الجليل ـ جل جلاله ـ أن يطهِّر بيته الشريف
بماء
التوبة ، ويظهر الحياء منه ، حيث تركه قذراً نجساً ، ولم يهيئه لحضوره
وإقباله ـ جل
جلاله ـ عليه ».
[١] مستدرك الوسائل
باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 2 صفحه : 195