نام کتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 4 صفحه : 166
..........
تقدّم [1] أنّ الرشد لا يتحقّق إلّا باختباره بما يلائمه من التصرّفات و الأعمال. و بيّن هنا أنّ محلّ هذا الاختبار قبل البلوغ، لقوله تعالى وَ ابْتَلُوا الْيَتٰامىٰ حَتّٰى إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ[2]. و وجه دلالة الآية على ذلك من وجهين: أحدهما: جعل متعلّق الابتلاء اليتامى. و المراد باليتيم لغة [3] و شرعا من لا أب له و هو دون البلوغ، فالبالغ ليس بيتيم بطريق الحقيقة، و إطلاق اللفظ محمول على الحقيقة إذا لم يمنع منها مانع. و هو منتف هنا. و الثاني قوله تعالى حَتّٰى إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ جعل غاية اختبارهم البلوغ، فدلّ على أنّ الاختبار قبله. و لأنّ تأخير الاختبار إلى البلوغ يؤدّي إلى الإضرار به، بسبب الحجر عليه و منعه ماله، مع جواز كونه بالغا رشيدا، لأنّ المنع يمتدّ إلى أن يختبر و يعلم رشده، و ربّما طال زمانه بسبب العلم بالملكة السابقة، فإذا أمكن دفع هذا الضرر بتقديم الاختبار كان أولى.
و هذا ممّا لا خلاف فيه عندنا، و إنّما خالف فيه بعض العامّة [4]، و جعل بعده.
نعم، شارحا القواعد [5] حملا عبارتها على أنّ الاختبار بعد البلوغ، و جعلا الخلاف في صحّة البيع الواقع بالاختبار متفرّعا على ذلك. و لا ضرورة داعية إليه.
إذا تقرّر ذلك فنقول: إذا كان الاختبار بمثل البيع لمن هو من أهله، فماكس الصبيّ فيه و ظهر رشده و أوقعه، هل يكون صحيحا أم لا؟ وجهان:
أحدهما: الوقوع، لأمره تعالى بالابتلاء، و هو يقتضي كون الفعل الصادر من الصبيّ معتبرا، خصوصا على القول بأنّ أفعاله شرعيّة، و مع ذلك قد انضمّ إلى إذن