و ثالثها: أنه لا يملك إلا بالتصرّف، بمعنى كونه تمام السبب المملّك، و جزؤه الأول التعريف، و الثاني نيّة التملّك أو لفظه الدالّ عليه، لأن مالكه لو ظهر و العين باقية كان أحقّ بها، و لو ملك الملتقط قبله لكان يرجع إلى المثل أو القيمة لا إلى العين، و هذا كالقرض عند الشيخ.
و الأصل في الخلاف أن تملّكها هل هو على سبيل المعاوضة أم لا؟ و على الأول، هل هو على سبيل الاقتراض أم لا؟ و على الأول، هل يتوقّف تملّك المقترض على التصرّف أم لا؟
و الحقّ أن المعلوم شرعا ملك الملتقط لها مع قصده بعوض يثبت في ذمّته إما مطلقا أو مع ظهور المالك، أما كونه على وجه المعاوضة و كونه على جهة القرض فلا دليل عليه.
و أما ما ألزموه للقائل بتوقّف الملك على التصرّف بلزوم الدور- من حيث توقّف جواز التصرّف على الملك المتوقّف على التصرّف- فغير لازم، لمنع توقّف جواز التصرّف على الملك، بل على الإذن فيه من المالك أو الشارع، و هو هنا متحقّق. و مثله ملك المشتري معاطاة بالتصرّف المترتّب جوازه على إذن المالك.
و ما يقال من أن من التصرّف ما يكون ناقلا للملك فكيف يحصّله؟ يندفع بتقدير الملك الضمني، كعتق العبد عن الآمر به.