و المصنف- (رحمه الله)- اختار في هذه الثلاثة الكراهة. و هو مذهب الشيخ في النهاية [2] و تلميذه القاضي [3]. و هو حسن، لأنه طريق الجمع بين الأخبار.
و المانعون [4] حملوا أخبار الحلّ على التقيّة. و ليس بجيّد.
و قد أغرب الشيخ في النهاية في حكم المارماهي، ففي باب المكاسب [5] جعله من المكاسب المحظورة، كالجرّي و غيره من السمك الذي لا يحلّ أكله.
و في باب الأطعمة [6] جعله مكروها كما نقلناه هنا عنه. و في باب الحدود قال:
«و يعزّر آكل الجرّي و المارماهي. و غير ذلك من المحرّمات، فإن عاد أدّب ثانية، فإن استحلّ شيئا من ذلك وجب عليه القتل» [7].
و أعجب ما فيه- مع اختلاف الفتوى- حكمه بقتل مستحلّ المارماهي، فإن كلّ من خالفنا من العلماء مجمعون على حلّه، و أصحابنا مختلفون فيه كما عرفت، حتى هو من جملة القائلين بحلّه في النهاية [8] و التهذيب [9] و الاستبصار [10]. و مستحلّ المحرّم إنما يقتل إذا استحلّ ما أجمع المسلمون على تحريمه، بل لا يكفي ذلك حتى يكون قد علم تحريمه من دين الإسلام ضرورة كالخمر و الميتة، و أين هذا ممّا أكثر المسلمين على حلّه حتى الشيخ (رحمه الله)؟!