العلّة مرتين ، فهي معلّلة مرتين ، والمعللة مقدمة على تقدير التعارض ، فهي
إشارة إلى الخبر المستفيض : البينة على المدّعي واليمين على من أنكر [١] ، فهو أيضا دليل هذا الحكم ، فهذا وحده دليل مقدّم على
ذاك ، فكيف إذا فهم منه دليل آخر ، وهو الخبر المستفيض.
وكأنه لذلك
اختار جماعة كثيرة تقديم بينة الخارج.
ولأن بينة
الداخل مؤكّد ، وبينة الخارج مؤسّس ، والتأسيس خير من التأكيد ، لأنه يفيد فائدة
جليلة ، وهو أولى ممّا لا يفيد إلّا ما كان ويقرّره فقط ، وهو معقول ومنقول من
العلماء ومقرّر بينهم ، وهو ظاهر.
إلّا أن في
طريق هذه الرواية إبراهيم بن هاشم ومحمّد بن حفص [٢] ، كأنه قال ابن داود كر ـ جخ [٣] وكيل. ومنصور مشترك.
فسند الأولى
أولى ، فلا يمكن ترجيح هذه عليه بأنها معللة ، فإن ذلك بعد التساوي في السند.
وترجيح التأسيس
على التأكيد مطلقا ، غير واضح إنما هو في الخطب ومقام الوعظ ، ولا يمكن إثبات
الأحكام الشرعية بذلك. ولهذا قدّم بعض الأصوليين دليل الإباحة على الحظر والوجوب
وغيرهما ، وإن عكسه بعض آخر لذلك.
والخبر
المستفيض ليس بمعلوم كونه دليلا على ذلك ، فإن الظاهر أن مضمونه أن المدعى عليه لا
يحتاج في كون الحق له إلى بينة ، بل البينة في ذلك على المدّعي. وإنما عليه اليمين
على نفي دعوى المدّعي ، فان لم يكن له بينة فله أن يرده