و في خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): حدّ ما حرّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من المدينة من ذباب إلى واقم و العريص و النقب من قبل مكة [4].
قلت: و ذباب كغراب، و كتاب، جبل شامي المدينة، يقال: كان مضرب قبة النبي (صلّى اللّه عليه و آله) يوم الأحزاب، و العريض مصغّرا: واد في شرقي الحرة، قرب قناة، و هي أيضا واد، و النقب الطريق في الجبل، و سمعت خبري البريد في بريد [5].
و يكره المجاورة بمكة سنة كاملة، بل يتحوّل عنها في السنة للأخبار [6]، و فيها التعليل بأنّ الارتحال عنها أشوق إليها، و أنّ المقام بها يقسي القلب، و أنّ كلّ ظلم فيه إلحاد، و في المقام خوف ظلم منه أو ممّن معه.
و لا ينافيه استحبابها لما ورد من الفضل فيما يوقع فيها من العبادات، و هو ظاهر. و لا ما في الفقيه عن علي بن الحسين (عليه السلام) من قوله: الطاعم بمكّة كالصائم فيما سواها، و الماشي بمكة في عبادة اللّه عز و جل [7].
إذ الطاعم بها إنّما هو كالصائم و الماشي في العبادة لكونهما نويا بكونهما التقرب إلى اللّه بأداء المناسك أو غيرها من العبادات. و هو لا ينافي أن يكون الخارج منها لتشويق نفسه إليها و التحرز من الإلحاد و القسوة أيضا كذلك.