و لا يكتفي عندنا بفتوى العلماء و تقليدهم فيها بل لا بدّ من اجتهاده فيما يقضي به. خلافاً لبعض العامّة [2].
و يجب أن يكون عالماً بالفعل أو بالقوّة القريبة منه بجميع ما وليه بالاجتهاد دون التقليد فلا يكفي علمه ببعضه إذا لم يتمكّن من الاجتهاد في الباقي، لعين ما تقدّم، و نحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر عمر بن حنظلة: «و عرف أحكامنا» بالجمع المضاف إلى المعرفة.
نعم إن تجزّأت التولية كفى التمكّن من الاجتهاد فيما وليه دون غيره إن اعتبرنا التجزّي في الاجتهاد، و هو ظاهر هذا الكلام و صريحه في التهذيب [3] و التحرير [4]. و ربّما يؤيّده قول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي خديجة: و لكن انظر إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضائنا فاجعلوه بينكم فإنّي قد جعلته قاضياً [5] فكأنّه يعني: فاجعلوه بينكم فيما يعلمه فإنّي قد جعلته قاضياً في ذلك. و من لم ير التجزّء فيه كأنّه ينزّله على العلم بالفعل، أو على أنّ الناس كلّهم إنّما يعلمون من قضائهم (عليهم السلام) شيئاً، أو ينزّل التنكير على التكثير.
و أمّا حسن هشام بن سالم عن الصادق (عليه السلام) قال: لمّا ولّى أمير المؤمنين (عليه السلام) شريحاً القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتّى يعرض عليه [6]. فإنّما يدلّ على جواز تقليد القاضي إذا لم يكن توليته (عليه السلام) له عن تقيّةٍ، مع أنّ هذا الشرط يخرجه عن الولاية فهو من لطائف حيله (عليه السلام) في الجمع بين استرضاء الخالق و الخلق.
[1] وسائل الشيعة: ج 18 ص 6 ب 3 من أبواب صفات القاضي ح 2.