و بالجملة، فلا ريب في نسخ العادة الثانية للأُولى عند أهل العرف؛ حيثما فرض تحقّق العادة عندهم بحكمهم أو حكم الشارع.
أمّا لو تكرّر مخالفة العادة لا على نسق واحد، فظاهر كلام المنتهي عدم زوال العادة؛ لأنّه قال في ردّ أبي يوسف القائل بزوالها بالتخلّف مرّة: أنّ العادة المتقدّمة دليل على أيّامها التي اعتادت، فلا يبطل حكم هذا الدليل إلّا بدليل مثله، و هي العادة بخلافه [1]، انتهى.
لكن ذلك يشكل فيما لو وقع التخلّف مراراً متعدّدة، سيّما إذا صدق في العرف أن ليس لها أيّام معلومة.
و يؤيّد الإشكال: رواية إسحاق بن جرير المتقدّمة في صفات الحيض، قال فيها: «فإنّ الدم يستمرّ بها الشهر و الشهرين و الثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تجلس أيّام حيضها ثمّ تغتسل لكلّ صلاتين، قالت له: إنّ أيّام حيضها تختلف عليها و كان يتقدّم عليها الحيض اليوم و اليومين و الثلاثة و يتأخّر مثل ذلك، و ما علمها به؟ قال: دم الحيض ليس به خفاء، هو دم حارّ تجد له حرقة، و دم الاستحاضة دم فاسد بارد .. الخبر» [2]، حيث دلّت على الرجوع إلى التميّز مع اختلاف أوقات الدم بعد استقرار العادة العددية.
إلّا أن يقال: إنّ المراد من اختلاف أيّام حيضها: اختلافها من أوّل الأمر، بأن لا يتحقّق لها عادة، فالمراد من تقدّم اليوم و اليومين تقدّمه عن محلّه في المرّة السابقة، لا تقدّمه و تأخّره عن عادتها المستقرّة؛ إذ مجرّد تقدّم