و الذي ينبغي أن يقال: إنّه إمّا أن يراد من «الوجوب و الندب المجعولين غاية» الشرعيان، و هو طلب الشارع على وجه الحتم أو عدمه، فهو راجع إلى جعل الغاية موافقة إرادة اللّه التي هي عين القربة المجعولة غاية بالاتّفاق، فالقربة مغنية عنه كما أنّه مغن عنها، و لذا احترز في النهاية عن إتيان الفعل لوجوبه أو ندبه أو وجههما عن الإتيان به للرياء و طلب الثواب [1]، و حكى هذا الاحتراز في الروض [2] عن بعض تحقيقات الشهيد (قدس سره) و إن تأمّل فيه الحاكي.
و إمّا أن يراد بهما العقليان الثابتان للأفعال في أنفسها مع قطع النظر عن أمر الشارع كما هو ظاهر إطلاقات المتكلّمين مثل قولهم: إنّه يشترط في التكليف زيادة على حسن الفعل- يعني عدم الحرج- أن يكون فيه صفة، بأن يكون واجبا أو مندوبا إن كان التكليف بفعل [و] [3] يشترط أيضا علم المكلّف بصفات الفعل لئلّا يأمر باجتناب واجب أو مندوب [4] إلى غير ذلك من موارد استعمال الوجوب و الندب، و صرّح به الشيخ أيضا في مواضع من العدّة، قال في إثبات النسخ ما لفظه: إنّ الشيء لا يجب بإيجاب موجب و إنّما يجب بصفة هو عليها تقتضي وجوب ذلك الشيء، و إنّما يدلّ إيجاب الحكيم على أنّ له صفة الوجوب لا بأن يصير واجبا بإيجاب لأنّ إيجاب ما ليس له صفة الوجوب يجري في القبح مجرى إيجاب الظلم