سيجيء في تداخل الأسباب، و لذا لم يجز تعدّد الوضوء بتعدّد الحدث إلّا من باب تداخل السببين في التأثير و التسبيب. و كما لا تداخل في الوضوء بالنسبة إلى أسبابه كذا لا تداخل بالنسبة إلى غاياته، بل الوضوء فعل واحد يطلب لأمور متعدّدة يترتّب جميعها على رفع الحدث بالوضوء.
و لا فرق بين الغاية الواجبة و المندوبة و الملفّقة، و لا بين الأسباب الملزمة له كالإحداث الخمسة، و الموجبة لرجحانه كالقيء و الرعاف، و ربما استوجه كون التداخل في مثل ذلك كالأغسال المندوبة رخصة لا عزيمة، و الأوجه خلافه.
و اعلم أنّ المصنّف (قدس سره) ذكر مسألة تداخل الأغسال هنا استطرادا؛ لأنّ أسباب الغسل عنده كأسباب الوضوء كما سيأتي من المعتبر [1]، و لذا قال: (و كذا لو كان) الواجب (عليه) أو الثابت شرعا بالنسبة إليه و لو استحبابا (أغسال) متّفقة في الوجه أو مختلفة كفى عنها غسل واحد بلا خلاف في ذلك في الجملة، و الأصل في ذلك- مع مخالفته للأصل- قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحة زرارة المرويّة في السرائر عن كتاب محمّد بن عليّ بن محبوب و عن كتاب حريز: «إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة و عرفة و النحر و الحلق و الذبح و الزيارة، فإذا اجتمعت حقوق للّه عليك أجزأها عنك غسل واحد، قال: ثمّ قال: و كذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و إحرامها و جمعتها و غسلها من حيضها و عيدها» [2].