و كيف كان: فالظاهر أنّه لا خلاف بين الأصحاب في أنّ جسم الحيوانات لا يعامل معها معاملة غيرها من كفاية العلم بنجاستها في زمان في وجوب الاجتناب عنها إلى أن يعلم طهارتها- نعم، هذا وجه محكيّ عن الشافعي [1]- و لعلّه كاف بضميمة ما تقدّم من الأخبار و دعوى الإجماع.
و أمّا صورة العلم بعدم المزيل الشرعيّ فهو مورد الخلاف، إلّا أنّ أكثر من تعرّض للمسألة عمّم الحكم لها، إلّا العلّامة في النهاية حيث اشترط احتمال حصول المزيل الشرعيّ بورود الحيوان على كرّ أو جار [2]. فتكون هذه المسألة مستثناة في الحقيقة عن مسألة اعتبار استصحاب النجاسة أو حكومة استصحابها على استصحاب طهارة الملاقي.
و الحاصل: أنّ هذا الحكم مخالف لإحدى قواعد اقتضتها العمومات:
إحداها: قاعدة تنجيس النجاسات العينية لما يلاقيها حتّى أجسام الحيوانات.
الثانية: عدم زوال نجاسة المتنجّس و لو كان جسم حيوان بمجرّد زوال عين النجاسة عنه.
الثالثة: تنجيس المتنجّس و لو كان جسم حيوان لما يلاقيه من المياه و غيرها.
الرابعة: أنّ النجاسة إذا ثبت في محلّ فهي مستصحبة.
الخامسة: أنّ استصحاب نجاسة الشيء حاكم على استصحاب طهارة ملاقيه.