الموثّقة؛ إذ غيره لا يجوز الصلاة وراءه تقيّة، كما لا يخفى، و قد يكون من جهة فسقه في فروع الدين كالمؤمن الفاسق بجوارحه. و العدالة بهذا المعنى غير ما اصطلح عليه أصحابنا من الملكة الخاصّة، و حينئذ فلا تدلّ الروايتان [1] إلّا على اعتبار العدالة أعني الاستقامة الفعليّة أصولا و فروعا، و لا يدلّ على اعتبار العدالة بمعنى الملكة حتّى لا تجوز الصلاة خلف المؤمن الذي لم تصدر منه كبيرة و لم تحصل له ملكة بعد، بل ظاهره اعتبار عدم المعصية أصلا.
هذا، مع أنّه يدور الأمر في الموثّقة بين أن يراد من العدل العدل من جميع الجهات أصولا و فروعا- و يرتكب التقييد في قوله بعد ذلك: «و إن لم يكن إمام عدل»؛ لأنّ المراد به خصوص المخالف- و بين أن يراد خصوص العدل من حيث أصول الدين ليكون مقابلا للمخالف.
و كيف كان، فالتمسّك بالروايتين على اعتبار العدالة بالمعنى المصطلح مشكل جدّا، و ما ذكره بعض المعاصرين [2]- تبعا للمحدّث المجلسي [3]- من أنّ التصريح باشتراط ملكة العدالة لم يقع في الأخبار لا يخلو عن وجه، و أنّ استغراب بعض آخر من المعاصرين [4] لصدور ذلك عن مثل المحدّث المذكور لا يخلو عن نظر.
نعم الروايتان [5] الأخريان الدالّتان على اعتبار الوثوق بالدين و الأمانة و الورع ظاهرتان في اعتبار الملكة؛ إذ لا وثوق بمن لا ملكة له، بل
[1] و هما رواية يونس الشيباني و موثّقة لسماعة المتقدّمتان في الصفحة السابقة.