الثاني، للفرق بين دليل السلطنة وبين المقام، لان التعليق هناك في الحكم مع حفظ الموضوع، فمع احتمال ورود مزاحم أقوى للسلطنة يتمسك باطلاقه كما مر، وأما في المقام فيكون التعليق في موضوع الحكم، لان المفروض أنه مع ورود دليل من الشارع يخرج الباطل عن كونه باطلا، فهو من قيود موضوع الحكم، فيكون التمسك بها نظير التمسك في الشبهة المصداقية للعام. ثم إن الظاهر عدم كون الاخراج من قبيل التخصيص، لان الآية آبية عن التخصيص الحكمي، فمن المستهجن عرفا أن يقال: لا تأكلوا ما حصل بالباطل إلا هذا الباطل، فلا يحتمل تجويز الباطل تخصيصا، مضافا إلى أن حكم العقلاء في مثل المقام أي في نحو الفسخ بالبطلان وعدم التأثير معلق على عدم ورود التنفيذ من المالك الحقيقي، وبعد وروده لا يرون الفسخ لغوا وبلا أثر، والمراد بالعقلاء هم الخاضعون لله تعالى والذين يرونه مالكا حقيقيا، له التصرف في الاموال والنفوس، فيكون المحيط محيط التوحيد لا الالحاد وعدم الاعتناء بالمبادئ، ولو شككنا في أن المقام من قبيل التخصيص أو رفع الموضوع لا يصح التمسك بها أيضا بعين ما ذكر. وربما يقال: إن الاستدلال بها صحيح لو كان الفسخ من الاسباب المفيدة للملك بخلاف ما لو قلنا بأن شأنه رفع أثر السبب المملك، فان الاكل حينئذ بالسبب الاول لا الفسخ. وفيه أن ذلك يتم لو قلنا بأن الآية تدل على الحرمة إن حصل المال بسبب باطل مستقل، لكنه خلاف فهم العرف، بل الظاهر منها إلقاء تأثير الباطل ولو بمناسبة الحكم والموضوع، مستقلا كان أولا، والفسخ مؤثر في دفع المانع عن تأثير السبب الاول، فيكون الاكل بالسبب الباطل ولو بنحو جزء العلة.