وكيف كان فقد ذكر
غير واحد أن النصوص [١] والفتاوى المعتبرة خالية عن تعيين المدة التي يحصل فيها
الجلل ، وغاية ما يستفاد من المرسل الأول [٢] اعتبار كون العذرة غذاؤه ، ومن الثاني [٣] عدم البأس بأكله
مع الخلط ، وكل منهما بالإضافة إليها مجملة ، واحتمال استفادتها من مدة الاستبراء
ـ باعتبار دعوى اقتضاء ارتفاعه بها بحبسه عنها تحققه [٤] بتغذيه فيها ـ لم
نجد له أثرا في كلام الأصحاب ، ولعله لوضوح منع الاقتضاء المزبور.
وعن بعضهم تقديرها
بأن ينمو ذلك في بدنه ويصير جزءا منه ، وآخر بيوم وليلة ، واستقربه الكركي ، قال :
« ويرجع في كونه جلالا إلى العرف ، وقدره بعض المحققين بيوم وليلة ، وهو قريب كما
في الرضاع المحرم ، لأنه اقصر زمان الاستبراء » وثالث بأن يظهر النتن في لحمه
وجلده ، يعني رائحة النجاسة التي اغتذت بها.
والجميع كما ترى ـ
وإن مال في المسالك إلى الأخير ـ لا دليل عليه سوى اعتبارات لا تصلح دليلا ، ومن
هنا جعل بعضهم المدار على ما يسمى جلالا عرفا ، وفي الرياض « هذا أقوى ، لأنه
المحكم فيما لم يرد به من الشرع تعيين أصلا » وفيه ما عرفته سابقا من أنه لا عرف
منقح الآن يرجع إليه ، لعدم استعماله فيه ، ولعله لذا قال في الكفاية بعد أن جعل
الظاهر الرجوع إليه : « وفي معرفته إشكال » بل لعل مبنى الأقوال المزبورة ذلك أيضا
، ولذا رجع بعضهم فيه إلى الرضاع المحرم في الجملة.
نعم قد يقال : إن
المتجه الرجوع إلى العرف في صدق ما سمعته في تفسيره بالمرسل السابق [٥] وهو يصدق بكون
ذلك غذاؤها ، بل لعله
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٣.
[٤] وفي النسخة
الأصلية « وتحققه » والصحيح ما أثبتناه.
[٥] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢.