طلاقه وإقراره على
أن الأقوال الخمس هنا إما شهادة أو يمين ، وكل منهما صحيح عندنا من الأخرس
بالإشارة ، مؤيدا ذلك كله بقضاء الضرورة به إذا كان مما يجب عليه نفي الولد للعلم
بكونه من غيره ، واحتمال انتفائه بنفيه هنا من دون لعان مناف لأصالة اللحوق وغيرها
، فليس حينئذ إلا قيام إشارته مقام نطق غيره.
ولكن مع ذلك كله
وغيره ربما توقف شاذ منا في قذفه ولعانه نظرا إلى تعذر العلم بالإشارة وهو ابن
إدريس ، قال فيما حكى عنه « لا أقدم على أن الأخرس المذكور يصح لعانه ، لأن أحدا
من أصحابنا غير الشيخ في خلافه ومبسوطة لم يورده في كتابه ، ولا وقفت على خبر في
ذلك ، ولا إجماع عليه ، والقائل بهذا غير معلوم ، والتمسك بالاية [١] بعيد لأنه لا
خلاف أنه غير قاذف ولا رام على الحقيقة ، والنطق منه حال اللعان متعذر ، والأصل
براءة الذمة ، واللعان حكم شرعي يحتاج إثباته إلى دليل شرعي وأيضا لو رجع
بالشهادات عن اللعان عند من جوزه له وجب عليه الحد ، والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « ادرؤوا
الحدود بالشبهات » [٢] ومن المعلوم أن في
إيمائه وإشارته بالقذف شبهة هل المراد به القذف أو غيره؟ وهو غير معلوم يقينا بلا
خلاف ـ ثم قال ـ : فان قلنا : يصح منه اللعان كان قويا معتمدا ، لأنه يصح منه
الإقرار والايمان وأداء الشهادات وغير ذلك من الأحكام ».
وهو كما ترى متوقف
مضطرب ، لكن دعواه عدم دلالة إشارته على القذف وعدم إمكان أداء معاني ألفاظ اللعان
فيها خلاف الفرض ، كما أن دعوى عدم تحقق إشارة للأخرس كذلك منافية للوجدان خصوصا
إذا كان منها الكتابة التي يمكن فرض أنه يحسنها ، ومن الغريب دعوى عدم الخلاف في
عدم كون إشارته قذفا ، إذ هو مناف للعرف بل واللغة ، على أنه يمكن عروض الخرس له
بعد القذف.