إذ لا تلازم بين
عدم كون الكتابة بيعا وبين جواز بيع العبد من نفسه بثمن مؤجل ، فيثبت له حينئذ
أحكام البيع لا الكتابة ، كما يومئ إليه ما في الدروس ، فإنه ذكر فروعا متصلة
بالمسألة الأول منها ، قال : « إن جوزنا بيعه عليه فإذا قال : بعتك رقبتك أو نفسك
بكذا فقبل عتق كشراء القريب ، ولا ولاء عليه إلا مع الشرط عند الشيخ كما مر ويشكل
ببعد ملك الإنسان نفسه ، ولو صح فكيف يكون الولاء للبائع مع أنه لم يعتقه ،
والاشتراط يخالف قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم[١] الولاء لمن أعتق »
قلت : ولا يدفع
الإشكال الأول كونه كبيع ما في الذمة على الإنسان نفسه ، لأن ذلك مرجعه إلى
الإسقاط بعد قابلية المشتري لأصل قبول البيع بخلاف الفرض ، فإن قابلية شراء العبد
نفسه مفقودة ، ودعوى صيرورته قابلا ذلك بعقد البيع معه ـ على معنى حصول القابلية
والانعتاق دفعة بالقبول ـ كما ترى ، وإطلاق لفظ البيع لا يقتضي صحة ذلك.
فالتحقيق عدم صحة
ذلك بيعا أيضا فضلا عن أن يكون من الكتابة التي لا يتصور كونها من البيع بالمعنى
المزبور في كتاب البيع ، بل ظني أن القائل بأنها من البيع لم يرد أنها فرد حقيقة
من البيع بالمعنى المعهود الذي لا يخفى مباينته لها ، ولا أن البيع مشترك لفظا بين
مفهومها وبين غيرها ، ضرورة عدم اقتضاء ذلك ثبوت أحكام البيع من خيار المجلس ونحوه
مما كان العنوان فيه البيع ، بل يريد أن البيع للأعم من ذلك وما يشملها ، نحو ما
سمعته في بيع الخدمة ، بل وفي بيع العرية وحينئذ فلا يرد عليه كثير مما سمعته ،
نعم يدفعه تحقق التباين عرفا بين المفهومين وعدم قدر مشترك بينهما على وجه يشتركان
فيما يثبت من الأحكام التي عنوانها البيع ، كخيار المجلس ونحوه ، والاشتراك اللفظي
لا يفيد ذلك ، بل لا ثمرة في النزاع فيه ، كما هو واضح.
وبذلك يظهر لك أنه
لا يثبت مع الكتابة خيار المجلس
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٧ ـ من كتاب العتق الحديث ١ و ٢.