ولا دليل على
الاستئناف ، بل الأصل وغيره يقتضي عدمه ، على أن الاستئناف لا يجديه شيئا ، فإنه
لا يصدق على المستأنف أنه كفر قبل الوطء ، بل الإكمال أولى ، لأن بعض الشهرين قد
حصل قبل التماس ، كما أن وجوب الكفارتين عليه لا يقتضي الاستئناف أيضا ، إذ يمكن
أن يكون أحدهما ما تخلله الوطء ، واختاره في المسالك لما عرفت ، ولأنه لو وقع قبل
الشروع يجتزئ بالصوم بعده مع عدم صدق الإتيان به قبل التماس فكذا الفرض.
ولعله لذا قال في
القواعد : « الأقرب أن الوطء إن وقع ليلا وجب الإتمام مطلقا والتكفير ثانيا ، وكذا
إن وقع نهارا بعد أن صام من الثاني شيئا ، وإن كان قبله استأنف وكفر ثانيا »
وحاصله ملاحظة تتابع الشهرين المعتبر في الكفارة وعدمه.
قلت : لا ريب في
كون المراد هنا بالتتابع أمرا زائدا على المعتبر في الكفارة ، وهو كون الشهرين معا
يقعان قبل التماس ، فمع فرض حصول الوطء في أثنائهما ولو ليلا بعد حصول تتابع
الكفارة لم يحصل الامتثال.
والأصل في النزاع
عبارة الشيخ في المبسوط والخلاف ، حيث عبر في المحكي منهما عن المعنى المزبور
ببطلان التتابع ، فيبطل ما تقدم من الصوم ويستأنف الشهرين ، فاعترض عليه ابن إدريس
بأنه لا يبطل التتابع بذلك ، لأنه عبارة عن اتباع صوم يوم لا حق بصوم يوم سابق من
غير فارق ، وهذا متحقق مع الوطء ليلا ، ولا يستأنف الكفارة لأنه لا يبطل من الصوم
شيء ، فلا يجب عليه الاستئناف ، بل يتم صومه وعليه كفارة أخرى للوطء ، وإن كان
الوطء نهارا من غير عذر قبل أن يصوم من الشهر الثاني شيئا وجب عليه الاستئناف
للكفارة التي يوجبها الظهار وكفارة أخرى للوطء عقوبة ، وكان مراد ابن إدريس أنه لا
دليل على اعتبار أزيد من التتابع المعتبر في الكفارة في الصحة والفساد ، نعم يجب
شرعا كتابا [١] وسنة [٢] كونها قبل التماس ،