وبالتأمل فيما
ذكرنا يظهر لك النظر في جملة من الكلمات ، واحتمال إرجاع القول بالإطلاق أو الشهر
أو الثلاثة إلى ما ذكرنا بنوع من الاعتبار لا يخلو من بعد في البعض أو منع ، خصوصا
الأول والأخير ، كل ذلك مما شاة لهم على ما ذكروه وإلا فمن المحتمل قويا أن محل
البحث في اعتبار أصل المدة وعدمها ، وأنها شهر أو ثلاثة في مجهوله الحال التي لم
يعلم أيام حيضها من أيام قرئها ، إذ من المستبعد دعوى عدم اعتبار العادة مع فرض
العلم بها بناء على القول بالإطلاق ، ودعوى الاعتبار بالشهر لمن عادتها الأزيد
منها ، ودعوى الاعتبار بالثلاثة لمن عادتها الأزيد من ذلك ، وإنما المتجه اعتبار
العادة مع العلم بها.
أما مع الجهل بها
فيأتي القول بعدم اعتبارها أصلا ، للإطلاق ، والقول بالشهر لأنه الغالب في غالب
النساء ، والثلاثة لأنها كالمسترابة ، ولزيادة الاستظهار في أمر الفروج ، وخيرها
أوسطها حينئذ لما عرفت ، ولكن عليه يكون ما اختاره المصنف والمتأخرون خروجا عن
مفروض المسألة ، كما أن عليه يتضح لك فساد كثير من الكلمات ، والله العالم.
وكيف كان فلا
إشكال في صحة الطلاق بعد مضى المدة بناء على اعتبارها مع فرض المصادفة فيها
لاجتماع الشرطين : كونها في غير طهر المواقعة ، والخلو من الحيض ، بل لا خلاف فيه
، بل في المسالك الإجماع عليه.
وكذا يصح لو بان
أيها في حيض ، لخبر أبي بصير [١] السابق المؤيد بإطلاق نصوص الخمس [٢] بل وكذا لو بان
أنها في طهر المواقعة ، لظاهر النصوص [٣] بل في المسالك « أنه أولى بالصحة من الأول الذي قد تخلف
فيه الشرطان ، بخلافه فإنه لم يتخلف فيه إلا شرط واحد » وإن كان هو كما ترى ،
والعمدة ظاهر النصوص.
[١] الوسائل الباب ـ
٢٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٦.