منصور بن يونس [١] في الموثق عن
الكاظم عليهالسلام قال : « سألت العبد الصالح عليهالسلام وهو بالعريض ، فقلت له : جعلت فداك إني تزوجت امرأة وكانت
تحتي فتزوجت عليها ابنة خالي ، وقد كان لي من المرأة ولد ، فرجعت إلى بغداد
فطلقتها واحدة ، ثم راجعتها ، ثم طلقتها الثانية ، ثم راجعتها ، ثم خرجت من عندها
أريد سفري هذا حتى إذا كنت بالكوفة أردت النظر إلى ابنة خالي ، فقالت أختي وخالتي :
لا تنظر إليها والله أبدا حتى تطلق فلانة ، فقلت : ويحكم والله مالي إلى طلاقها من
سبيل ، فقالوا لي : وما شأنك ليس لك إلى طلاقها من سبيل؟ فقلت : إنه كانت لي منها
ابنة وكانت ببغداد ، وكانت هذه بالكوفة ، وخرجت من عندها قبل ذلك بأربع ، فأبوا
على إلا أن تطلقها ثلاثا ، ولا والله جعلت فداك ما أردت الله ولا أردت إلا أن
أداريهم عن نفسي وقد امتلأ قلبي من ذلك ، فمكث عليهالسلام طويلا مطرقا ، ثم رفع رأسه وهو متبسم ، فقال : أما بينك
وبين الله فليس بشيء ، ولكن إن قدموك إلى السلطان أبانها منك ».
وفيه أن الخبر
المزبور على العكس أدل كما اعترف به في كشف اللثام ، ضرورة كون المراد عدم قبول
دعوى عدم القصد ظاهرا لو رفع إلى السلطان ، اللهم إلا أن يراد السلطان الجائر الذي
لا يقف على قوانين الشرع.
ولعل الأولى أن
يقال : إن الفرق بين الطلاق وما يشبهه من الإيقاع وبين غيره من العقود بأن الطلاق
ليس له إلا طرف واحد ، وهو الإيقاع من الموقع ، وأصل الصحة لا يجري فيه بعد اعتراف
فاعله بفساده بما لا يعلم إلا من قبله ، بخلاف البيع مثلا ، فإنه لو ادعى الموجب
عدم القصد المقتضى لفساد إيجابه وعدم جريان أصل الصحة عورض بأصالة صحة القبول الذي
هو فعل مسلم أيضا ، والأصل فيه الصحة التي لا تتوقف على العلم بصحة الإيجاب ، بل
يكفى فيها احتمال الصحة الذي لا ريب في تحققه مع دعواه التي لا تمضي إلا في حقه
بالنسبة إلى العقد المركب سببه منهما ، بخلاف المقام الذي حق الزوجة فيه من
الأحكام التي تتبع الموضوع
[١] الوسائل الباب ـ
٣٨ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ١.