عرفته من أنها لا
تملك عندهم إلا بتجدد كل يوم ، بل لو قلنا بملكها به فإنما هو في مقابلة التمكين ،
فإذا لم يسلم له بعض العوض استرد ما بإزائه ، فملكها حينئذ مراعي بسلامة العوض ،
كما أن المؤجر يملك تمام الأجرة ملكا مراعي بسلامة العوض للمستأجر ، نعم في
القواعد وغيرها إلا نصيب يوم الطلاق فلا يستعاد منها ، قيل : لأنها تملكه في
صبيحته ملكا مستقرا ببذل التمكين أوله ، بل هو المحكي عن قطع الشيخ وغيره في
الحكمين ، لكن قد نقدم لك سابقا ما فيه ، وأن المتجه استعادته أيضا كما لو نشزت أو
مات هو أو هي ، واحتمال الفرق بأنها في صورة الطلاق مسلمة للعوض الذي هو التمكين
وإنما رده الزوج بالطلاق بخلاف النشوز والموت كما ترى ، بل قد عرفت فيما تقدم عدم
الفرق فيما حكم باستعادته بين بقاء عينه وعدمه ، لكونه من المضمون عليها بعد أن
كان مدفوعا على وجه خاص ، وإن تقدم في كشف اللثام الفرق بينهما ، هذا كله في نفقة
الطعام.
وأما الكسوة فله
استعادتها ما لم تنقض المدة المضروبة لها بل وإن انقضت بناء على الإمتاع ، بل وعلى
التمليك في وجه قد تقدم سابقا ، نعم لو لم تكن قد لبستها وقد انقضت المدة اتجه
حينئذ استقرار ملكها بناء على التمليك نحو الطعام المستفضل ، وفي القواعد في فروع
الإمتاع والتمليك « لو طلقها قبل انقضاء شيء من المدة المضروبة للكسوة كان له
استعادتها ، ولا يكون له استعادتها إن طلقها بعدها » أي على التمليك دون الإمتاع
ثم قال : « ولو انقضت نصف المدة سواء لبستها أولا ثم طلقها احتمل على التمليك
التشريك واختصاصها به ، وكذا لو ماتت » ولعل وجه الاختصاص أنها ملكتها بالقبض
واستحقتها بالتمكين الكامل ، فيكون كنفقة اليوم إذا طلقها في الأثناء ، ولكن فيه
ما عرفت ، فالمتجه حينئذ انفساخ ملكها عنها مع فرض لبسها له ، أما مع عدمه كما لو
أبقتها لإرادة الاستفضال كان المتجه التشريك بينهما ، هذا كله على التمليك دون
الإمتاع فإن المتجه عليه استعادتها مطلقا ، فتأمل جيدا.