لعل الظاهر ما
ذكرناه وإن جزم بالأول في الحدائق ، وقيد الصحيح المزبور به حينئذ.
لكن في المسالك
حمل الصحيح المذكور على الاستدانة للتجارة ، قال : « ويشكل بأن ذلك يلزم المولى من
سعي العبد وغيره ، والأقوى أن استدانته لضرورة التجارة إنما يلزم مما في يده ، فإن
قصر استسعى في الثاني ، ولا يلزم المولى من غير ما في يده ، وعليه تحمل الرواية.
وفيه أولا : أن
الرواية لا تقبل ذلك بعد تعليق السعي فيها على عدم الإذن ، وثانيا : أنه لا دليل
على تقييد ضمان المولى بما في يد العبد مع فرض الإذن ، بل ظاهر الأدلة خلافه ،
خصوصا موثق زرارة [١] منها ، فلا ريب في أن المتجه مع الإذن ضمان السيد مطلقا.
ولعل الأولى من ذلك كله حمل خصوص الاستسعاء على المأذون إذنا لا يراد منها إلا رفع
الحجر عنه والإثم عليه ، لا أن المراد منها الإذن التي تشبه الوكالة فتأمل جيدا.
ثم إن ظاهر إطلاق
المشهور عدم الفرق بين علم المدين بحاله وعدمه ، خلافا لابن حمزة فيتبع به بعد
العتق في الأول ، ويستسعى في الثاني ، قال في الوسيلة : المملوك إذا استدان لم يخل
من ثلاثة أوجه : مأذون في الاستدانة ، أو في التجارة دون الاستدانة أو غير مأذون ،
فالأول : حكم دينه حكم دين مولاه ، والثاني ضربان : فإن علم المدين أنه غير مأذون
فيها بقي في ذمته إلى أن يعتق ، فإن لم يعلم استسعى فيه إذا تلف المال ، والثالث :
يكون المال ضائعا إلا إذا بقي المال في يده ، أو كان قد دفع إلى سيده.
وهو ـ مع غرابته
بالفرق بين الثالث والأول من الثاني ـ واضح الضعف ، إذ لا دليل له في الثاني الذي
هو محل الخلاف بينه وبين المشهور إلا ما سمعته دليلا للنهاية الذي قد عرفت قصوره
عن إفادة ذلك ، ولو أنه قال في الأول بالضياع كالثالث لكان له وجه ، باعتبار أن
المالك هو الذي قد أقدم على إتلاف ماله ، وإن كان قد يدفعه منع ذلك بعد فرض أن
العبد له ذمة يتبع بها بعد العتق ، فأدلة الضمان بحالها.