القرض أفضل من الصدقة بمثله في الثواب ، وإلا
فلم نجد هذا اللفظ في شيء من نصوصنا ، لكن ظاهر الشهيدين وجودها بهذا اللفظ ،
ولذا احتملا فيها احتمالين : أحدهما ما يراد من الخبر المزبور فلا يكون فيه دلالة
على مقدار الثواب ، وثانيهما تعليق بمثله بأفضل لا بالصدقة فيكون المعنى ان القدر
المقترض أفضل من المتصدق به ، بمقدار مثله في الثواب ، والصدقة لما كان المعروف من
ثوابها والمشترك بين جميع أفرادها عشرة ، فدرهم القرض حينئذ بعشرين ، إلا أنه لما
كان يعود بخلاف درهم الصدقة حصل له ثمانية عشر ، إذ الصدقة إنما صار درهمها بعشرة
باعتبار عدم عوده ، فالذي استفاده حقيقة تسعة ، فهي مع مثلها ثمانية عشر ، تحصل
لدرهم القرض الذي عاد لصاحبه ، وهذا وإن كان ألطف من الأول وأوفق بمناسبة خبر
الثمانية عشر ، ومشتمل على سر لطيف ، وبلاغة في الكلام ، مناسبة للمعروف من كلامهم
عليهمالسلام ، إلا أن الذي ذكرناه أولا أظهر خصوصا مع معلومية عدم كون عادتهم مراعاة نحو
ذلك في كلامهم الصادر لبيان الأحكام التي يتساوى فيها الخاص والعام.
وأما قوله في
الثواب ، فهو على الوجهين متعلق بأفضل ، لبيان الواقع كقوله (
يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) ، و ( يَطِيرُ
بِجَناحَيْهِ ) ، أو لغير ذلك كما أنه قد يحتمل تعلقه بغير أفضل على الأول
، والأمر في ذلك كله سهل ، ثم إن الظاهر من قول المصنف « تطوعا » الإشارة إلى
اعتبار النية في حصول الثواب كغيره من الأعمال وهو كذلك إذ احتمال حصوله مطلقا
ضعيف وعلى كل حال فشرط القرض الاقتصار على ذكر (رد العوض ف ) قط على معنى أنه لو
شرط النفع حرم الشرط بلا خلاف فيه ، بل الإجماع منا بقسميه عليه ، بل ربما قيل :
إنه إجماع المسلمين ، لأنه ربا قال على بن جعفر في المروي عن قرب الإسناد [١] « سألت أخي موسى عليهالسلام عن رجل اعطى رجلا
مائة درهم على أن يعطيه خمسة دراهم أو أقل أو أكثر فقال : هذا الربا المحض » وقال
خالد بن الحجاج [٢] : « سألته عن رجل كانت لي عليه مائة درهم عددا
[١] الوسائل الباب ـ
١٩ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ١٨.
[٢] الوسائل الباب ـ
١٢ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ١.