لجاز الرهن على
المتيقن ثبوته من الدية في الجناية على ما لا يوجبها ، كقطع اليد مثلا ، فإن النصف
متيقن في ضمن تمام الدية أو مستقلا ، ولا يلتزم به القائل المزبور والفرق بينهما
لا يخلو من تكلف ، ثم من المعلوم أن الدية في الخطأ على العاقلة ، وأنها مقسطة على
ثلاث سنين.
ولكن لا يجوز
الرهن على قسط كل حول إلا بعد حلوله لعدم تعين المستحق عليه منها قبله ، وإن
الجامع لشرائط العقل عند تمام الحول هو الذي يعقل ، وإن كان فاقدا لها قبله ، لا
غيره ، وإن كان جامعا لها سابقا ، واستصحاب الجامعية إلى مضي الحول غير مجد ، بعد
أن كان جزء سبب الثبوت مضي الحول ، فإذا مضى صح الرهن حينئذ من ذلك المتعين الذي
قد ثبت في ذمته.
أما الدية في شبيه
العمد فيصح الرهن عليها بمجرد حصول سبب ثبوتها ، لأنها على الجاني وإن كانت مؤجلة
إلى سنتين ، لكن كأجل الدين ، فلا يمنع من الرهن بها بعد أن كانت متعلقة بذمته ،
وإن مات في تركته.
اللهم إلا أن يقال
إن الأجل فيها كالأجل في دية الخطأ ، بمعنى أن مضيه جزء سبب الاستحقاق ، فيتجه
حينئذ عدم الرهن بها أيضا ، وستسمع إن شاء الله في كتاب الديات ما يؤكد ذلك ، وإن
كان في بعض العبارات هناك ما يوهم اشتغال الذمة بها قبل الحول ، ولكن غير مستقر
لاحتمال الموت والإعسار عند الحول ، إلا أنه محمول على ضرب من التوسع ، ضرورة
اقتضاء التدبر في كلامهم هنا وهناك كون المراد بالخطاب بها الحكم التكليفي ، لا
الديني الذي لا يسقط بالموت ، ولا بالإعسار ، فلاحظ وتأمل.
وقال في الدروس :
« ولا يصح الرهن على الدية قبل استقرار الجناية ، وإن حصل الجرح ، ويجوز بعد
الاستقرار في النفس والطرف ، فإن كانت مؤجلة فبعد الحلول على الجاني ، أو على
العاقلة في شبيه العمد والخطأ ، ويجوز على الدين المؤجل والفرق تعيين المستحق عليه
فيه ، بخلاف العاقلة ، فإنه لا يعلم المضروب عليه عند الحلول ، ويحتمل قويا جوازه
في الشبيه على الجاني لتعيينه ، ولو علل بأن الاستحقاق