أولا بأن أحكام
الشرع تعبدية متلقاة من الشارع لا يعرف كثير من حكمها ، وثانيا بأن استعمال
الأجراء على السقي والحفظة وأشباه ذلك كافة متعلقة بالمالك زائدة على بذل الأجرة ،
فناسبها التخفيف عن المالك ، وبأن تقديم المئونة من الكلفة ، فلهذا وجب نصف العشر
، وبأن الغالب في ذلك الزمان علاجهم بأنفسهم ، وقد عرفت عدم احتساب ذلك من المؤن ،
فناسب إرفاق الشارع بهم بنصف العشر ، مضافا إلى قلة الحاصل مما يزرع بالعلاج بخلاف
السيح ونحوه ، والله أعلم.
وكيف كان فـ ( ان
اجتمع فيه الأمران كان الحكم للأكثر ) بلا خلاف أجده فيه ، بل في الغنية وظاهر
التذكرة وغيرها الإجماع عليه فان تساويا أخذ العشر من نصفه ومن نصفه نصف العشر بلا
خلاف أيضا كما اعترف به في التذكرة ، بل في الغنية والمعتبر والمنتهى وغيرها
الإجماع عليه على ما حكي عن بعضها ، بل يدل عليه وعلى سابقيه مضافا إلى ذلك حسن معاوية بن شريح [١] عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « فيما سقت
السماء والأنهار أو كان بعلا العشر ، وأما ما سقت السواني والدوالي فنصف العشر ،
قلت له : فالأرض تكون عندنا تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتسقى سيحاً قال : إن ذلك
ليكون عندكم كذلك. قلت : نعم ، قال : النصف والنصف ، نصف بنصف العشر ونصف بالعشر ،
فقلت : الأرض تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتسقى السقية والسقيتين سيحا قال عليهالسلام : كم تسقى السقية
والسقيتين سيحا؟ قلت : في ثلاثين وأربعين ليلة وقد مضت قبل ذلك في الأرض ستة أشهر
سبعة أشهر قال : نصف العشر » ضرورة ظهور السؤال في أوله في المساواة ، كظهور آخره
بل صراحته في الاختلاف ، وقد يؤيد ذلك أيضا بما عن التذكرة من أن اعتبار مقدار
السقي وعدد مراته وقدر ما يشرب في كل سقية مما يشق ويتعذر ، فجعل الحكم للغالب ،
كالطاعة إن كانت غالبة
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٦ ـ من أبواب زكاة الغلات ـ الحديث ١.