عنه ـ مقرا لهما
على ما يستفاد من كلامهما من كون الحكم مفروغا عنه ـ تارة بأنه يجوز تغير الحكم
الشرعي بسبب الجهل وإن كان الجاهل غير معذور ، وأخرى بما يقرب منه أيضا من أن
الجهل وإن لم يعذر صاحبه وهو مذموم يجوز أن يتغير معه الحكم الشرعي ويكون حكم
العالم بخلاف حكم الجاهل ، وكأنه يريد أن الجاهل هنا أيضا غير معذور بالنسبة للإثم
وعدمه وإن كان فعله صحيحا للدليل ، إذ لا بأس بترتيب الشارع حكما على فعل أو ترك
للمكلف عاص به ، كما في مسألة الضد التي مبناها أن الشارع أراد الصلاة من المكلف
وطلبها منه بعد عصيانه بترك الأمر المضيق الذي هو إزالة النجاسة مثلا ، فهنا أيضا
يأثم هذا الجاهل بترك التعلم والتفقه المأمور بهما كتابا [١] وسنة [٢] إلا أنه لو صلى
بعد عصيانه في ذلك صحت صلاته للدليل ، فتأمل.
وكيف كان فلا
ينبغي التأمل في الحكم المزبور بعد ما عرفت ، فما في الغنية وعن الإسكافي وأبي
الصلاح ـ من الإعادة في الوقت دون خارجه ، بل في الأول الإجماع عليه ، لقاعدة عدم
معذورية الجاهل التي يجب الخروج عنها بعد تسليم شمولها لما نحن فيه بما عرفت ،
ولإطلاق الأمر بها في بعض المعتبرة [٣] التي ستسمعها في الناسي ، وفي الصحيح [٤] ومروي الخصال [٥] السابقين الذي
يجب الخروج عنه أيضا بما مر بناء على كون التعارض بينهما بالعموم والخصوص المطلق ،
بل وعلى كونه من وجه ، لوضوح رجحانه عليه بالشهرة العظيمة وغيرها التي منها ومن
غيرها يعلم ما في دعوى الإجماع السابق ـ في غاية الضعف ، وإن كان ربما قيل إنه قد
يظهر من الرسي بل والمرتضى
[١] سورة التوبة ـ الآية
١٢٣ وسورة النحل ـ الآية ٤٥.