و وقت العشاء الآخرة يدخل بغروب الشفق و يمتد وقت الاختيار إلى ثلث الليل [19/ أ] على قول و إلى نصف اللّيل على قول و وقت الجواز إلى طلوع الفجر عند الحنفيّة آخر وقتها ما لم يطلع الفجر [2].
لنا قوله تعالى أَقِمِ الصَّلٰاةَ طَرَفَيِ النَّهٰارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ و المراد بطرفي النّهار:
صلاة الفجر لأنّها في طرفه الأوّل و صلاة الظهر و العصر، لأنّهما في طرفه الآخر و المراد (بزلفا) من اللّيل صلاة المغرب و العشاء الآخرة لأنّه لا صلاة فيها إلّا العشائين بالاتفاق فيكون وقتا لهما و زلف الليل ساعاته القريبة من آخر النّهار فيلزم أن يكون مقدار ثلاث ركعات مختصا بالمغرب فإذا مضى ذلك المقدار اشتركت الصلاتان كما ذكرنا إلّا أنّ المغرب قبل العشاء و أيضا لو لم يكن وقت العصر لما جاز أدائها عقيب الظهر بعد الزوال بعرفات و كذا العشاء الآخرة عقيب المغرب بعد غروب الشمس بالمزدلفة لكنّها جائزة صحيحة بالاتّفاق فيكون وقت العصر بعد الفراغ من الظهر و وقت العشاء الآخرة بعد الفراغ من المغرب و أيضا لو لم يكن الوقتان وقتيهما لما جاز الجمع بين الظهرين و لا بين العشاءين لكنّه جاز عند الشافعي تقديما يعني تقديم العصر و العشاء على وقتيهما المضروبين لهما لكنّه جاز فيلزم أن يكون وقتيهما لأنّ الصلاة قبل دخول الوقت لا يجوز لا اختيارا و لا ضرورة بالاتفاق.
«و أوّل وقت صلاة الفجر طلوع الفجر الثاني» [3] و الفجر الثاني هو البياض المعترض في الأفق لا المستطيل لقوله (عليه السلام): (لا يغرنّكم أذان بلال [4]) [5] و لا الفجر المستطيل و انّما الفجر المستطير في الأفق و آخره قبيل طلوع الشمس لقوله تعالى وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ*. [6] يعني الصلاة «و قال أبو حنيفة: ان وقته ممتدّ إلى طلوع الشمس». [7]
و أمّا أوقات النوافل اليوم و اللّيلة، فوقت نوافل الظهر من زوال الشمس إلى أن يبقى من تمام أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله مقدار ما يصلّي فيه أربع ركعات، و وقت نوافل الجمعة قبل
[4] ابن رباح، أبو عبد اللّه، مولى أبي بكر اشتراه بخمس أواقي و أعتقه و كان مؤذّنا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و خازنا، شهد بدرا و المشاهد كلّها، توفّى بدمشق، و دفن بباب الصغير سنة (20) و هو ابن بضع و (60) سنة. أسد الغابة: 1/ 243 رقم 493.