استمرّ اعتزاله لها، فهي بالخيار بين الصبر عليه و بين مرافعته إلى الحاكم، فإن رافعته إليه أمره بالجماع و التكفير، فإن أبى [170/ ب] أنظره أربعة أشهر من حين المرافعة، لا من حين اليمين، ليراجع نفسه، فإن مضت هذه المدّة و لم يجب إلى ما أمره، فعليه أن يلزمه بالفئة أو الطلاق، فإن أبى ضيّق عليه في التصرّف و المطعم و المشرب، حتى يفعل أيّهما اختار.
و لا تقع الفرقة بين الزوجين بانقضاء المدّة، و إنّما يقع بالطّلاق [1].
مدّة التربص أربعة أشهر سواء كان الزوج حرا أو عبدا أو الزوجة حرة أو أمة، بدلالة عموم الأخبار، وفاقا للشافعي.
و قال مالك: الاعتبار بالرجل، فإن كان عبدا فالمدة شهران، و إن كان حرا فأربعة أشهر.
و قال أبو حنيفة: الاعتبار بالمرأة، فإن كانت حرّة فأربعة أشهر، و إن كانت أمة فشهران [2].
و أمّا الطّلاق فليس للسلطان أن يطلّق زوجته عليه. وفاقا لأحد قولي الشافعي، و خلافا لقوله الثاني في الجديد، فإنه له أن يطلق عليه. و عند أبي حنيفة يقع الطلاق بانقضاء المدة [3].
و إذا اختلفا في انقضاء المدّة، أو ابتداء اليمين، كان القول قوله مع يمينه عند الشافعي. و هذا لا يصح على مذهبنا؛ لأنا نعتبر المدّة من حين الترافع إلى الحاكم، لا من وقت اليمين [4].
لنا على أنّ الفرقة لا تقع إلّا بطلاق الزوج بعد إجماع الإمامية قوله (عليه السلام): الطلاق لمن أخذ بالساق [5].
و قوله تعالى وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ أضاف الطلاق إلى الزوج، كما أضاف الفئة إليه، فكما أن الفئة لا تقع إلا بفعله، فكذا الطلاق، و قوله تعالى فَإِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[6] لانّه يفيد أنّ هناك ما يسمع؛ و لا يوصف بذلك إلّا الطلاق دون انقضاء المدّة، و أيضا فإنّ الأصل بقاء العقد فمي ادّعى أنّ انقضاء المدّة طلقة بائنة أو رجعية، فعليه الدليل. [7]