لنظام أرزاق الناس و القيام بمكافحة الغلاء و قحط الأرزاق، ممّا يكون تركه
مضرة للناس لا سيّما الفقراء و الضعفاء منهم.
و قسم منها: يكون لدفع ظلم الظالمين و اعتداء بعض الناس على بعض، كالأمر بفتح
مخازن المحتكرين، و بيع ما فيها على الناس، و تعيين الأسعار فيما تحتاج إليه
الأمّة عند حدوث إجحاف التجار و ذوي الصناعات و الحرف في التسعير، و ما أشبه ذلك.
و قد ورد كثير من هذه الأقسام في العهد المعروف الذي كتبه مولانا أمير
المؤمنين علي (عليه السلام) إلى الأشتر النخعي حين ولاه مصر، و له نظائر من بعض
الجهات في العهود التي عهدها رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمرائه عند إرسالهم
إلى مختلف بلاد المسلمين.
و لكن كلّ هذه الأحكام تدور حول الأحكام الكلية الإلهية التي وردت في الكتاب و
السنّة من الأحكام الأولية و الثّانوية، و لا يتعداها أبداً في شيء من مواردها و
لو مورداً واحداً.
فليس للوالي حكم خاصّ في عرض الأحكام الإلهية يسمى الحكم الولائي، بل له أحكام
إجرائية في طولها، و لا أظن أحداً يلتزم بغير ذلك، و ليس له حقّ التشريع و جعل
الأحكام الكلية ممّا لم يرد في الشرع، بل ليس للإمام المعصوم (عليه السلام) أيضاً
ذلك كما سيأتي البحث عنه مفصلًا إن شاء الله عن قريب، فإن الله قد أكمل دينه، و
أتم نعمته و لم يبق شيء إلّا و قد أنزل الله فيه حكماً حتّى أرش الخدش، و لا توجد
واقعة ليس لها حكم إلهي كما في الأحاديث المتضافرة، و ممّا ذكرنا ظهر لك أن هناك
فرقا واضحا بين الحكم الولائي و الأحكام التشريعية الأولية و الثّانوية و إليك
بعضها.
1- الأحكام الولائية أحكام إجرائية جزئية في طريق إنفاذ الأحكام الكلية
الإلهية (و المراد من الجزئي هنا الجزئي الإضافي لا الجزئي الحقيقي كما هو ظاهر،
فمثل المقررات التي وضعت لتنظيم الحركة و المرور و إن كانت أحكاماً كلية إلّا
أنها، إنّما هي مقدّمة لحفظ الدماء و النفوس و نظام المجتمع فهي جزئية بالنسبة
إليها).