عرفت آنفا ان وحدة الكبرى لا تستلزم دخول موارد قاعدة التجاوز فيها في عرض موارد قاعدة الفراغ بل ذلك مستحيل و دخول موارد قاعدة التجاوز فيها من جهة وجود الدليل الحاكم و عليه فلا ملازمة بين اعتباره في دليل الحاكم و بين الاعتبار في نفس الكبرى المجعولة إذ من الجائز أن يكون الشك في الجزء منزلا منزلة الشك في المركب في حالة خاصة و هي حالة الدخول في الغير لا مطلقا فالاعتبار في المنزل غير ملازم للاعتبار في المنزل عليه بل لأن في الأدلة الدالة على حجية القاعدة ما أخذ فيه ذلك كقوله (عليه السلام) في رواية زرارة (إذا شككت في شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء) ما لم يعتبر فيه إلا التجاوز و المضي كقوله (عليه السلام) في موثقة ابن بكير (كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو) و قوله (عليه السلام) في موثقة ابن أبي يعفور (إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه) فيدور الأمر بين حمل المطلق على الفرد الغالب لكون الغالب في موارد الشك هو الدخول في الغير و بين كون القيد في الروايات المقيدة لوروده مورد الغالب فلا يكون ظاهراً في وروده مورد الاحتراز و لا ريب في ان الأول هو المتعين لا من جهة اقتضاء الدليل المأخوذ فيه القيد للمفهوم أو لحمل المطلق عليه بل من جهة انصراف المطلق في حد ذاته إلى الفرد الغالب فإن غلبة الوجود و إن لم توجب الانصراف كما حققناه في محله إلا انها فيما إذا كانت الغلبة لأمر خارجي و أما إذا كانت من جهة قصور الماهية و نقصها في الفرد النادر و كانت الماهية تشكيكية بحيث كان شمول الطبيعة له خفيا في نظر العرف فلا محالة يوجب ذلك انصراف المطلق إليه و لا أقل من كونه القدر المتيقن في مقام التخاطب و محل الكلام من هذا القبيل فإن صدق التجاوز عن الشيء مع الدخول في الغير أظهر من صدقه مع عدم الدخول فالمطلق في حد ذاته قاصر عن الشمول مع عدم الدخول في الغير و لو لم يكن هناك دليل المقيد أيضا (الثالثة) ان الغير المعتبر دخول الشاك فيه في مورد قاعدة الفراغ لا يعتبر فيه شيء إلا كونه مباينا للعمل المشكوك فيه لإطلاق أدلته و اما في مورد قاعدة التجاوز فلا بد فيه من كونه مرتبا شرعيا على المشكوك لاختصاص أدلته بذلك و عليه فان شك في الجزء الأخير من العمل كالتسليمة فاما ان يكون الشك مع عدم الدخول في الغير أو معه و على الأول لا ريب في وجوب التسليمة لكون الشك حينئذ في المحل و على الثاني فاما ان يكون الدخول في التعقيب المترتب على الصلاة شرعا أو في أمر مباح أو مستحب غير مرتب عليه و لا مناف للصلاة أو في أمر مناف من منافياتها سواء كانت من المنافيات المطلقة أو المنافيات العمدية و يدخل في هذا