لم يكن موجب لرفع اليد عن إطلاق المطلق بحمله على المقيد منهما و الوجه في ذلك هو انه إذا كان الحكم المتعلق بالمقيد غير إلزاميّ جاز مخالفته فلا يكون منافاة حينئذ بينه و بين إطلاق متعلق الحكم الآخر المستلزم لجواز تطبيقه على كل فرد أراد المكلف تطبيقه عليه في الخارج و من الواضح انه مع عدم المنافاة بينهما لا موجب لرفع اليد عن الإطلاق بحمله على المقيد و لا فرق في ذلك بين كون الدليل المطلق مثبتا لحكم إلزاميّ و عدمه ضرورة ان المنافاة انما ترتفع بعدم الإلزام بالمقيد و بالترخيص في ترك امتثال الحكم المتعلق به فلا يكون هناك مانع من التمسك بإطلاق متعلق الحكم الآخر سواء كان إلزاميا أم كان غير إلزاميّ و بذلك يظهر سر ما ذهب إليه المشهور من عدم حمل إطلاقات المستحبات على مقيداتها (نعم) لو كان المطلق في باب المستحبات ناظرا إلى إثبات درجة خاصة من الطلب و كان الدليل المقيد ناظرا إلى إثبات تلك الدرجة بعينها لتحققت المنافاة بينهما الموجبة لحمل المطلق على المقيد و لكنه فرض نادر يكاد ان يلحق بالمعدوم (الأمر الثالث) ان يكون متعلق كل من الخطابين صرف الوجود الّذي ينطبق قهرا على أول وجود ناقض للعدم إذ بذلك تتحقق المنافاة بين الدليلين لأن إطلاق متعلق الحكم في الدليل المطلق يقتضى جواز الاكتفاء بغير المقيد في مقام الامتثال إذ المفروض انه لم يؤخذ ذلك القيد في متعلق الحكم الثابت بالدليل المطلق فيستكشف به عدم دخله في غرض المولى و في ملاك حكمه كما ان تقييد متعلق الحكم في الدليل المقيد يقتضى عدم جواز الاكتفاء بغير المقيد في مقام الامتثال إذ المفروض انه أخذ ذلك القيد في متعلق الحكم الثابت بذلك الدليل فيستكشف بأخذه فيه دخله في غرض المولى و في ملاك حكمه و عليه فيثبت المنافاة بين الدليلين و يتوارد النفي و الإثبات على موضوع واحد و بذلك يستكشف وحدة التكليف بعد تحقق الأمرين الأولين المعتبرين في حمل المطلق على المقيد و مما ذكرناه يعلم ان وحدة التكليف انما يستكشف من نفس الخطابين
- بالإقامة حال الطهارة و عدم كونها حال الحدث مطلوبة للمولى و مثال الثاني الأمر المتعلق بصلاة الصبح مثلا فانه لا محالة يوجب تقييد الأمر الاستحبابي المتعلق بذات الصلاة في قوله (عليه السلام) الصلاة خير موضوع من شاء استقل و من شاء استكثر بغير متعلقه لأن الواجب يمتنع كونه مصداقاً للمستحب بالضرورة فالميزان في لزوم حمل المطلق على المقيد انما هو كون الدليل المقيد إلزامياً سواء كان الدليل المطلق مع ذلك إلزامياً أم لم يكن