فلا إشكال في جواز ستر بعض الوجه مقدمة لستر جسدها .
بقي الكلام في الروايات الآمرة بإسدال الستر على وجهها ، وهي مختلفة جدّاً .
ففي بعضها خص جواز إسدال الثوب إلى طرف الأنف قدر ما تبصر ، ومنها ما دلّ على جواز الاسدال إلى فمها ، وبعضها إلى الذقن ، وفي آخر إلى النحر ، وفي بعضها إلى النحر إذا كانت راكبة ، والروايات معتبرة بأجمعها ومعمول بها لدى الأصحاب في الجملة [1] .
فمنهم من عمل بها حتّى في حال الاختيار ، وإنّما منع عن التغطية بغير الثوب كالمروحة والخشب ونحو ذلك ، وأمّا الثوب فجوز التغطية والاسدال به مطلقاً وإن وصل إلى الذقن .
ولكن الظاهر أن ما دلّ على أن حدّ الاسدال إلى طرف الأنف وهو الجانب الأعلى من الأنف صريح في عدم جواز الاسدال إلى الزائد من ذلك كالفم والذقن ، بل إلى المارن ، فيكون ما دلّ على جواز الاسدال إلى الفم أو الذقن والنحر معارضاً لرواية الحد المذكور ، ولذا لو كان ذلك في كلام واحد لكان من المتنافيين ، فهذه الروايات تسقط بالمعارضة ، فالمرجع حينئذ ما دلّ على أن إحرام المرأة في وجهها ، فالواجب عليها بمقتضى إطلاق هذه الروايات كشف وجهها وعدم ستر الزائد من طرف الأنف الأعلى بأيّ ساتر كان .
نعم ، في رواية معاوية بن عمار جوز الستر من أعلى الوجه إلى النحر ، لكن مقيّداً بما إذا كانت راكبة [2] ولا بأس بالعمل بها ، إذ لا تعارض بين هذه المعتبرة وروايات الحد ، وللعلم بعدم الفرق بين حال الركوب وغيره ، وإنّما جوّز الستر في حال الركوب لأ نّها في معرض نظر الأجنبي ، فتقيد روايات الحد بحال الاختيار وبأ نّها إذا كانت مأمونة من النظر .
ــــــــــــــــــــــــــــ