وقد ورد في غير واحد من النصوص أ نّه تعالى خاطب العقل فقال له : أقبِل فأقبَل ، ثمّ قال له : أدبِر فأدبَر ، فقال تعالى : بك اُثيب وبك اُعاقب [1] . ومن ثمّ كان العقل من الشرائط العامّة ، وكان تشريع الأحكام ـ ومنها الزكاة ـ خاصّاً بالعقلاء .
وعليه ، فالأمر المتعلّق بها ـ الوارد في الكتاب والسنّة ـ متوجّهٌ إلى خصوص العاقلين بطبيعة الحال ، فإنّه وإن لم يرد نصٌّ خاصٌّ في المقام يحتوي على نفي الزكاة عن المجنون ـ كما ورد مثله في الصبي وأ نّه "ليس على مال اليتيم زكاة" كما تقدّم [2] ـ إلاّ أنّ النتيجة هي النتيجة بعد ملاحظة حديث نفي القلم عن المجنون ، فبناءً على جواز التمسّك بحديث الرفع ـ كما مرّ في الصبي [3] ـ جاز التمسّك به في المقام أيضاً بمناط واحد . ومعه لا حاجة إلى بعض التكلّفات التي هي مصادرات ، كما ذكره في الجواهر [4] .
هذا من حيث التكليف .
وأمّا من ناحية الوضـع ، فقد تقدّم أنّ الحديث يشمله أيضاً كالتكليف [5] ، ومع الغضّ فلا إطلاق لدليل الوضع ليتمسّك به ، ضرورة عدم كون مثل قوله (عليه السلام) : "فيما سقته السماء العشر" إلاّ في مقام بيان المقدار فحسب ، فهو ناظر إلى ثبوت الوضع في مورد وجوب الزكاة ، والمفروض أنّ الوجوب خاصّ بالعقلاء ، فلا مجال للتمسّك بإطلاقه لإثبات تعلّق الزكاة بمال المجنون .
هذا ، مضافاً إلى ورود روايتين في المقام ، إحداهما مؤكّـدة للمطلوب ،
ــــــــــــــــــــــــــــ