و كيف كان ليس المقصود من جواز قذف الكفّار جوازه على الإطلاق
بل في الجملة فإنّ الأخبار على طوائف مختلفة، و سيأتي كلام آخر في ذلك- في البحث
عن المقذوف فانتظر.
هذا أبا لنسبة إلى الكافر و أمّا المبتدع فيجوز ذكره بسوء لأنه
مستحقّ للاستخفاف ففي رواية داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا
البراءة منهم و أكثروا من سبّهم و القول فيهم و الوقيعة و باهتوهم كيلا يطمعوا في
الفساد في الإسلام- و يحذرهم الناس- و لا يتعلّمون من بدعهم يكتب اللّه لكم بذلك
الحسنات و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة[1].
ترى أنه قد جوّز بمقتضاها البهتان و الافتراء عليهم و حيث إنّ الكذب
غير جائز فلا بدّ من القول بأنّه قد جوّز الكذب هنا للمصلحة و هي سقوط اعتبار
المبتدع و كسر جاهه في أنظار الناس كيلا يميلوا إليه فيضلّوا به و إلّا فالبهتان و
الكذب ليسا بجائزين [1].
______________________________
[1] كأنّه دام ظلّه العالي كان قاطعاً بأن قوله عليه السلام:
باهتوهم بمعنى البهتان و الحال أنه محلّ البحث فإنّه ورد أن: بهته بهتا أي أخذه
بغتة.
و قال العلّامة المجلسي قدّس سرّه في مرآة العقول ج 11 ص 81 بشرح
الخبر: و الظاهر أن المراد بالمباهتة إلزامهم بالحجج القاطعة و جعلهم متحيّرين لا
يحيرون جوابا كما قال تعالى:
فبهت الذي كفر، و يحتمل أن يكون من البهتان للمصلحة فإنّ كثيرا من
المساوي يعدّها أكثر الناس محاسن خصوصا العقائد الباطلة و الأوّل أظهر قال
الجواهريّ: بهته بهتا أخذه بغتة و بهت الرجل بالكسر إذا دهش و تحيّر إلخ.
و قال في رسالته الفارسية الموسومة ب حدود و قصاص و ديات ص 28: عند
ذكر الرواية:
و بر ايشان حجّت تمام كنيد تا ايشان طغيان نكنند در فاسد كردن دين
إسلام.
و ترى أن صاحب الرياض بعد نقّل الرواية قال: و لا تصحّ مواجهته بما
يكون نسبته إليه كذبا لحرمته و إمكان الوقيعة فيه من دونه إلخ.
[1] وسائل الشيعة ج 11 ب 39 من أبواب الأمر
بالمعروف ح 1.